في سبعينيات القرن الماضي، ناقش «أفواه وأرانب» بشكل أساسي مشكلة تنظيم الأسرة، وتأثير ذلك في ظروف البلد الاجتماعية. الفيلم من تأليف سمير عبد العظيم، وإخراج هنري بركات والسعيد مصطفى. شارك فيه كل من الفنانة القديرة فاتن حمامة، ومحمود ياسين، وفريد شوقي، ورجاء حسين، وماجدة الخطيب.قبله كانت سيدة الشاشة العربية قدمت عام 1975 «أريد حلاً» من تأليف الكاتبة الصحافية حُسن شاه، وكتب له السيناريو وأخرجه الراحل سعيد مرزوق. نجح الفيلم بصورة أو بأخرى في تغيير قوانين الأحوال الشخصية في مصر. كذلك شاركت حمامة في أفلام أخرى طوال مشوارها، كانت معنية بمناقشة قضايا مهمة تتلامس وواقعنا وما يمرّ به المجتمع من إشكاليات.
فضلاً عن حمامة، ثمة كثير من النجوم الذين مروا بشريط السينما ونجحوا في تقديم أعمال تناقش المشاكل وتطرح لها حلولاً، لعل معظمها ظهر في الثمانينيات والتسعينيات، تحديداً مع جيل الواقعية الجديدة الذي رصد وكشف قضايا عدة تهمّ الجمهور وناقشها، مثل «الإرهابي» للزعيم عادل إمام، من تأليف لينين الرملي، وإخراج نادر جلال، والذي تناول الإرهاب، وكيف يستقطب الشباب، مستغلاً حاجتهم إلى المال، وجهلهم دينهم. وليس «الإرهابي» وحده، إذ شهدت تلك الفترة أفلاماً عدة طرحت قضايا مهمة. وأخيراً، ظهرت أعمال تطرقت إلى ظواهر طرأت على المجتمع، من بينها التحرش في «678»، وكيف يمكن أن نواجهه، ذلك من خلال حكايات الفتيات الثلاث فايزة، وصبا، ونيللي. وأصبح الفيلم نموذجاً يُحتذى به، ويُعرض في المبادرات ضدّ التحرش، وهو من بطولة نيللي كريم، وناهد السباعي، وبشرى، وتأليف محمد دياب وإخراجه، وشاركه في الإخراج أحمد محمد صالح. كذلك شارك العمل في مهرجانات عدة من بينها «بالم سبرينغ» السينمائي الأميركي بولاية كاليفورنيا عام 2012.كذلك ناقش «أسماء» مرض الإيدز، ونظرة المجتمع السيئة إلى من يعانونه، وكيف عليهم أن يتغلبوا عليها، ويعيشوا وسط المجتمع رافعين رأسهم من دون أي خجل، ويعرفوا أن هذا الداء لا يختلف عن أي داء آخر وله علاج.الفيلم من تأليف عمرو سلامة وإخراجه، وشاركه في الإخراج إيهاب عمرو، ومن بطولة: هند صبري، وماجد الكدواني، وسيد رجب، وهاني عادل.في مهرجان «أبو ظبي» الخامس، فاز سلامة بجائزة أحسن مخرج عربي عن الفيلم، فيما حصد الكدواني جائزة أفضل ممثل.
آراء
طالب رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية د. خالد عبد الجليل بضرورة عودة السينما المصرية كأحد مصادر القوى الناعمة، ذلك عن طريق إطلاق مساحات في نشر الوعي، ومواجهة الأفكار الهدامة، موضحاً أن الأعمال الفنية تحتاج إلى مساحة من الحرية ليتمكن المبدع من إيصال فكرته، وأن صناعة السينما بإمكانها أن تدفع مصر إلى ريادة الوطن العربي والشرق الأوسط، خصوصاً أن السينما ما زالت تشكل أهم وسائل القوى الناعمة التي تحقق تأثير الدولة في المجتمعات المحيطة بها.كذلك أوضح المخرج سمير سيف أن القوى الناعمة تتمثّل في فرض القيم والأفكار وطريقة الحياة على الآخرين من دون قوة السلاح، على عكس القوة الصلبة المتمثلة في الأسلحة والجيش، وتأتي في المقدمة السينما الأميركية التي تعتبر نموذجاً صارخاً لتأثير القوى الناعمة.يشرح كلامه متابعاً: «لو طرح على تلميذ مصري سؤالان: الأول حول وصف الحياة في أميركا، والثاني عن الحياة في الواحات البحرية، فسيصف الحياة الأميركية بصورة دقيقة، على عكس الحياة في مكان ببلده. ولما كانت السينما المصرية في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، اتجهت إلى تجييش مشاعر الدول العربية ناحية مصر رغم المشاكل آنذاك، فتطوع كثيرون للعمل لحساب جهاز المخابرات المصري بسبب تأثير القوى الناعمة».الناقد نادر عدلي
ذكر الناقد الفني، نادر عدلي، أن السينما سواء كانت مصنفة جادة أو غير جادة، وبصرف النظر عن الموضوعات التي تناقشها تُعتبر من القوى الناعمة، لأنها تؤثر في الجمهور داخل المجتمع والمجتمعات المجاورة مباشرة، وما دام الفيلم يملك جمهوراً مُعجباً بقصته وإخراجه وتصويره وممثليه فتظل صورته في ذهنه، ويمكننا أن ندرج العمل ضمن سينما القوى الناعمة.وتابع عدلي في تصريحاته لـ «الجريدة»: «أفلام القوى الناعمة موجودة بشكل مستمر حتى لو كان محتوى بعضها غير جاد».