شهد الأسبوع الماضي انتعاش الأسهم الأميركية بعدما عانت في الأسبوع الذي سبقه معدلات تقلّب مرتفعة تسببت في تراجع مؤشرات الأسهم. وكان أبرز ما شهده الأسبوع الماضي إعلان البيانات الاقتصادية الخاصة بمعدل التضخم، وهي البيانات التي أظهرت ارتفاع الضغوط التضخمية لتصل إلى مستويات أعلى بقليل مما كان متوقعاً.

وحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة رساميل للاستثمار، أدى تراجع قيمة الدولار الأميركي دوراً في ارتفاع أسعار المنتجين مع بدء أسعار الواردات في الارتفاع. وتعطي أسعار المنتجين مؤشرا جيدا للضغوط التضخمية في وقت مبكر، وبالاقتران مع نمو الأجور، فقد رفع ذلك من حجم التوقعات واحتمالات رفع أسعار الفائدة هذا العام. ووفقاً للبيانات التي تم نشرها فإن معدل التضخم الأساسي لشهر يناير الماضي ارتفع بنسبة 1.8 في المئة على أساس سنوي مقابل تقديرات الأسواق التي كانت تتوقع ارتفاعه بنسبة 1.7 في المئة.

Ad

وفي الوقت الذي تواصلت التحليلات والأحاديث حول المخاوف من مخاطر فرط النشاط الاقتصادي، فقد تحول تركيز أسواق الأسهم إلى الأساسيات التي لا تزال تثير الإعجاب. وبالتزامن مع ذلك لا تزال أسعار الأسهم تلقى دعماً كبيراً من الأرباح القوية التي تحققها الشركات. ورغم المخاوف بشأن التضخم، فإنه من المهم الإشارة إلى أن أرباح نحو 80 في المئة من الشركات التي أعلنت نتائجها المالية تجاوزت التوقعات، وهو الأمر الذي يساعد السوق على عدم التأثر ببعض البيانات مثل التضخم الأساسي ومؤشر أسعار المنتجين. ومع ذلك، فإنه من المرجح أن يعمد مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة أربع مرات هذا العام بدلا من ثلاث مرات، كما كان متوقعاً في البداية. وعلى صعيد مؤشرات الأسهم فقد شهد الأسبوع الماضي ارتفاع مؤشر S&P 500 ومؤشر Dow Jones الصناعي بنسبة 3.6 في المئة الأسبوع الماضي، وذلك في الوقت الذي حقق فيه مؤشر Nasdaq مكاسب بنسبة 4.4 في المئة. وكانت الأرباح القوية للشركات للربع الرابع من العام الماضي إلى جانب إقرار الكونغرس لمشروع قانون الإصلاحات الضريبية الذي تم بموجبه خفض الضرائب على الشركات قد دفع بالمحللين إلى رفع التقديرات لمعدل نمو أرباح شركات مؤشر S&P 500 لهذا العام من 12 إلى 19 في المئة.

من جهة أخرى، كشف البيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي عن خطته من أجل تطوير وتأهيل البنية التحتية المتقادمة في الولايات المتحدة، وهي الخطة التي تتضمن تخصيص وإنفاق 200 مليار دولار على تطوير البنية التحتية الاتحادية على مدى السنوات العشر المقبلة. ومن أبرز معالم خطة تطوير البنية التحتية أنها ستساهم في تحفيز ما لا يقل عن 1.5 تريليون دولار من الاستثمارات الجديدة، وسوف تقصر فترة عقود إنجاز المشروع إلى عامين. وقد سارع الحزب الديمقراطي إلى رفض هذا الاقتراح، قائلاً إن هذا المشروع يفتقر الى إنفاق فدرالي كبير. وبموجب هذه الخطة المقترحة فإن الحكومة الفدرالية سوف تخفّض بشكل كبير مساهمتها في مشاريع إنشاء وتطوير البنية التحتية وستلقي بمسؤولية جمع الأموال اللازمة على عاتق الولايات. وتتزايد الشكوك بشأن نجاح مثل هذا الإنفاق الفدرالي المحدود في إغراء وجذب الشركات الخاصة للعمل مع حكومات الولايات لإعادة بناء أميركا. وإضافة إلى ذلك اعتبر المتشككون أن هذه الخطة لم تتطرق إلى كيفية تمويل المشاريع التي لا تولّد إيرادات. وأخيرا، وفي سبيل ضع الأمور في سياقها، فإن تقديرات الاتحاد الأميركي للمهندسين المدنيين تشير إلى أن تكلفة إنشاء وتطوير البنية التحتية المتهالكة في الولايات المتحدة ستصل إلى نحو 4 تريليونات دولار على الأقل.

الأسواق الأوروبية

نجح مؤشر Eurostoxx في تحقيق مكاسب بنسبة 2.02 في المئة خلال تداولات الأسبوع الماضي بفضل النتائج المالية الإيجابية والأرباح الجيدة التي تحققها الشركات. وقد لعبت الشركات الرأسمالية الكبيرة مثل شركة صناعة السيارات الفرنسية Renault وشركة EDF دوراً في رفع المؤشر بنسبة 1.1 في المئة يوم الجمعة. ووفقاً لبيانات تومسون رويترز فإنه من المتوقع ارتفاع أرباح الشركات الأوروبية في الربع الرابع من العام الماضي بنسبة 14.6 في المئة، وهي التقديرات المعدّلة صعوداً مقارنة بتقديرات الأسبوع الماضي التي كانت تتوقع ارتفاع أرباح الشركات بنسبة 11 في المئة وذلك بعد 15 أسبوعاً تميّزت بسلسلة من التراجعات. وبعدما نشرت الولايات المتحدة البيانات الخاصة بمعدل التضخم خلال الأسبوع الماضي، عاد الهدوء إلى الأسواق بما أنه يبدو أنه تم احتواء التضخم. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في مستوى التقلّبات المرتفع في الأسهم الأوروبية خلال شهر فبراير الجاري قوة اليورو مقابل الدولار.

وعلى صعيد مؤشرات الأسهم في الدول الأوروبية فقد كان سوق الأسهم الفرنسي الأفضل أداء بعدما حقق مكاسب بنسبة 2.75 في المئة، في حين جاء سوق الأسهم في إيطاليا في المرتبة الثانية بعدما نجح في الارتفاع بنسبة 2.06 في المئة تلاه مؤشر DAX الألماني الذي ارتفع بنسبة 1.38 في المئة. ومنذ بداية العام، ارتفع مؤشرMIB الايطالي بنسبة 4.36 في المئة، في حين انخفضت بقية المؤشرات في الوقت الذي كان مؤشر الأسهم الألماني الأسوأ أداء بخسائر وصلت إلى 3.26 في المئة.

وقد يعود سبب هذا الأداء الضعيف في ألمانيا إلى فشل الأحزاب في تشكيل حكومة منذ الانتخابات التي تم تنظيمها في شهر سبتمبر الماضي، إذ لم تنجح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية إلا بعد مرور نحو أربعة أشهر من إجراء الانتخابات وموافقتها على التخلي عن وزارة المالية. من جهة أخرى، يبدو المستثمرون في الغالب متفائلين بشأن الانتخابات الإيطالية المقرر إجراؤها في شهر مارس المقبل. ومع ذلك فإن الدعم القوي للأسواق سببه البيانات الاقتصادية التي تستمر في التأكيد أن اقتصاد منطقة اليورو آخذ في النمو.

وكانت البيانات الاقتصادية التي تم نشرها قد أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في ألمانيا بنسبة 1.6 في المئة بما يتوافق مع التوقعات في الوقت الذي حقق فيه الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي في أوروبا نمواً بنسبة 2.7 في المئة، وهو النمو الذي جاءت نسبته أيضاً متوافقة مع التقديرات. كما أظهرت البيانات ارتفاع الإنتاج الصناعي خلال شهر ديسمبر بنسبة 5.2 في المئة فوق التوقعات. لقد كان هذا النسق هو المسيطر مع نهاية عام 2017، وهو الوقت الذي بدأ فيه رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي التحدث عن إمكانية تقليص حجم برنامج التيسير الكمّي الذي أطلقه البنك في وقت سابق بهدف مساعدة الاقتصاد الأوروبي على الانتعاش.

المملكة المتحدة

حقق مؤشر FTSE-100 مكاسب بنسبة 1.64 في المئة خلال الأسبوع الماضي إلا أنه سجل منذ بداية العام خسائر بنسبة 4.62 في المئة. وتمثل مكاسب الأسبوع الماضي أول أسبوع إيجابي بالنسبة إلى المؤشر منذ أربعة أسابيع. وساهم كلُّ من قطاعي الخدمات المالية والسلع الاستهلاكية الأساسية، وهما القطاعان اللذان يقومان في العادة بأعلى مستوى توزيعات نقدية، في إضافة أكبر عدد من النقاط إلى المؤشر. وكانت أسهم شركات السلع الأساسية الاستهلاكية الأساسية والمرافق العامة قد تعرضت لضغوط من ارتفاع عائدات السندات، مما يمكن أن يحد من الطلب على إيرادات توزيعات الأرباح. أما على صعيد الأسهم الفردية فقد ارتفع سهم شركة Segro وهي الشركة المتخصصة في تطوير المستودعات وإدارة العقارات بنسبة 3.4 في المئة. وقالت الشركة، في بيان لها، إن صافي قيمة أصول محافظها ارتفع بنسبة 16 في المئة، مشيرة إلى أن هذا النمو كان مدفوعاً باستمرار الطلب القوي في المملكة المتحدة وتحسّن الوضع الاقتصادي في أوروبا.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يبدو أن الظروف الاقتصادية في المملكة المتحدة تتحسن منذ النصف الثاني من عام 2017، إذ رأينا تكلفة التضخم تصبح خارج نطاق السيطرة مما يؤثر بشكل سلبي على القوة الشرائية للشعب البريطاني. وكانت البيانات الاقتصادية التي تم نشرها في بريطانيا قد أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يناير الماضي بنسبة 2.9 في المئة وهي النسبة التي جاءت دون مستوى التقديرات التي كانت تتوقع ارتفاعه بنسبة 3 في المئة، وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه مبيعات التجزئة بنسبة 2.6 في المئة وهي النسبة التي تجاوزت أيضاً التوقعات التي كانت عند مستوى 1.6 في المئة. وارتفعت أسعار شراء المنتجات بنسبة 4.2 في المئة مقارنة مع التقديرات بارتفاعها بنسبة 4.7 في المئة. وتشهد المملكة المتحدة نمواً ضعيفاً جداً في السنوات المقبلة، وذلك خلال مرحلة مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى إصلاح سوق الإسكان.