«عقرون 94»... هواجس الغربة والاغتراب بحثاً عن أمن واستقرار

نشر في 20-02-2018
آخر تحديث 20-02-2018 | 00:00
No Image Caption
صدرت عن «دار ثقافة للنشر والتوزيع» رواية «عقرون 94» للكاتب الروائي عمار باطويل تتضمن 13 فصلاً، وتتمحور حول الهجرة من الأرض ومخاطر البحث عن موطئ قدم خارج تراب الوطن، وتدعو إلى التعلق بالأرض والحفاظ عليها.
 يحلل الدكتور أحمد عبدالله السومحي رواية «عقرون 94»، مشيراً إلى أنها تبدأ بالقلق المخيف فالحرب تدق طبولها والمستقبل مجهول وتنتهي بالفرح، وما بين القلق والفرح تدور أحداث الرواية في ثلاثة محاور رئيسة:

الفساد: فساد الوحدة، الفساد الاجتماعي والأخلاقي ويتمثل في عبده وابنته مريوم. ويأتي الخطف نوعاً آخر من الفساد الأخلاقي والاجتماعي. إنها مأساة عاشها وادي عقرون. ويتمثل الفساد الاقتصادي الاجتماعي في الرشوة وأضرارها، والفساد السياسي في نكران جنسية عقرون ورفض الفندم صرف جواز سفر له؛ لأنه يشك بأنه صومالي وذلك من لون بشرته، وفي الإقصاء والتهميش.

الضياع: في الفصل العاشر يستمع البطل عقرون من جده إلى حكاية السيل الذي نزل من عقرون وجرف أراضيهم وهدم بيوتهم، وكيف أن أباه ضاع منهم، ثم حضر مكسور الساق يتكئ على عكاز، وكان ذلك يوم ولادة البطل، فأشار أبوه عليهم بأن يسموه عقرون، ثم عودتهم من «حم حار» وهي معقل الصبيان المهمشين فوجدوا ديارهم مهدمة وأشياءهم مدمرة، ولم يتحملوا الموقف فتفرقوا في قرى وبلدات، وهي إشارة رمزية الى ضياع الوطن ولم يبقَ منه غير الاسم.

يرى السومحي أن الكاتب يربط بين ضياع وطنه حضرموت في عهد الشرعية وضياع فلسطين في عهد القومية، وربما يشير الى التشابه في العمق التاريخي بين فلسطين وحضرموت.

بالإضافة الى ضياع الوطن، فقد ضاع الإنسان البسيط، ذلك أنه هو مشوّش الفكر بين تاريخ حضرموت القديم، فجده يقول إن عقرون من نفحات أولياء الله الصالحين، بينما ترى جدته أنه اسم لأحد ملوك حضرموت وأن الوادي المحاذي له سمي باسم زوجته. كذلك بات المواطن لا يفرق بين الصح والخطأ، فأيوب يتزوج من مريوم المومس التي أضاعت والديها وتبحث عنهما، وتلد له ولداً ضائعاً لا يعرف أين هو؟ الكل ضائع في الجنوب وفي الشمال.

ارتباط بالأرض

المحور الثالث الذي يتوقف عنده د. أحمد عبدالله السومحي، هو الدعوة إلى الارتباط بالأرض بدلاً من البحث عن وهم، وهذه الدعوة لا يخلو منها فصل من فصول الرواية، وزاد من أوارها أن بطل الرواية عقرون، بعد رفض الفندم صرف جواز سفر له ليسافر، عاد إلى حقله وارتبط بأرضه وراح يعمل بجدية وبدأت ظروفه المالية تتحسن بفضل زراعته الفجل. وقد تكون لزراعة الفجل رمزية خاصة لأن لا موسم لزراعته أو أنه من المحاصيل الهامشية، ليدل على أن الأرض تعطي من خيراتها، حتى الفجل له مردود إيجابي، ويجب العودة إليها.

 ينتقد الكاتب الهجرة على لسان العم منصور إذ يقول: «اعمل في بلادك وارضَ بالقليل، تأتك الصحة والعافية أما الكثرة في المال فتجلب مرض الأجسام ومرض الغرور، فالحمد لله فقد رضيت بالقليل وأنا أعيش معززاً مكرماً في بلادي. الغربة ضياع يا عقرون، وبعد الضياع ذل».

تقييم

يقيمّ أحمد السومحي الرواية بأنها جيدة وفيها رموز كثيرة (كالمدارة والخيول التي تغتسل في ماء النهر من الدماء...)، ولا يعيبها سوى أن الكاتب اهتم بالسرد على حساب الحبكة.

الكاتب يشير إلى التشابه في العمق التاريخي بين فلسطين وحضرموت
back to top