"قرر مجلس الخدمة المدنية مضاعفة المهلة الممنوحة للموظفين الوافدين الذين أبلغوا رسميا بانتهاء خدماتهم في يناير الجاري لتصبح 6 أشهر مدفوعة الراتب بدلاً من ٣ أشهر ويستفيد من هذا القرار ٣٠٠٠ موظف وافد خلال العام الجاري". (الأنباء ٣٠-١-٢٠١٨).تزامن مع هذا القرار وفي اليوم نفسه تصريح لوزير المالية أعلن فيه "أنه قد تكون هناك زيادات لبعض رسوم الخدمات، كما أنه بات من الضروري مراجعة موضوع الدعوم لكي يتم توجيهها لمستحقيها الحقيقيين"، وهكذا تنفق الحكومة أموالها بسخاء في جانب وتقبض يدها غير الرشيدة في جانب آخر.
يا ترى ما أسباب مضاعفة مكافأة نهاية الخدمة للوافدين المنتهية عقودهم هذا العام؟ ومن وراء هذا القرار؟ وما الدراسة المالية التي أعدت بهذا الشأن؟ ومن اعتمدها؟ وهل تتوافر الاعتمادات المالية الكافية؟ وكيف سارت دراسة هذه الزيادة "زي الصاروخ" ليتم عرضها وإقرارها والموافقة عليها خلال أقل من شهر واحد فقط؟لنربط الأحداث ببعضها، فالحكومة التي مررت هذه الزيادة الغريبة بكل أريحية في مجلس الخدمة المدنية غابت عن اجتماع برلماني مخصص لمشروع "البديل الاستراتيجي" يوم الأحد ١٨-٢-٢٠١٨ وبدون أي اعتبار لمجلس الأمة، وللتذكير فإن مشروع البديل الاستراتيجي لمعالجة الرواتب الحكومية هو أحد "كوابيس" الحكومة التي غرقت فيها من ٨ سنوات تقريباً، وما زالت تعجز عن اتخاذ أي قرار فيه، خصوصا بعد كوارث البدلات والكوادر التي أقرت في عهد الحكومات السابقة. ما رسالة الحكومة الموقرة التي تود إيصالها للمواطنين عندما تضاعف مكافأة نهاية الخدمة للوافدين، وتتغيب بكل استهتار عن اجتماع يخص رواتب المواطنين؟ وما رسالة الحكومة الموقرة عندما تنفق بسخاء على الآخرين ثم تقول إنها بصدد مراجعة الدعوم ورسوم الخدمات المقدمة للمواطنين؟ وما رسالة الحكومة الموقرة التي ترفع شعار الإصلاح المالي وتنوي اقتراض ٢٥ مليار دينار، ثم تعجز بكل مؤسساتها عن تسوية حسابات العهد لميزانيات سابقة حتى تجاوز مبلغها ٥ مليارات دينار (١٥ مليار دولار)؟إن نجاح كل حكومة في العالم يعتمد بشكل أساسي على رؤيتها المستقبلية ورسالتها المجتمعية ومبادئها الإصلاحية، وكل متابع لأداء حكوماتنا المتعاقبة يجزم بلا شك أنها حكومات تفتقر لهذه الأركان الثلاثة، ولا أحد يلوم الناس عندما يتساءلون دوماً في لقاءاتهم اليومية: هل تتعمد الحكومة في قراراتها وتصريحاتها وأفعالها استفزاز المواطنين؟ والله الموفق.
مقالات
هل تتعمد الحكومة استفزاز المواطنين؟
20-02-2018