خيّم التوتر على العاصمة الإيرانية طهران أمس، غداة اشتباكات دامية بين أتباع طريقة صوفية تعرف بـ»الغنا آباديين» وعناصر أمنية أدت إلى مقتل 3 عناصر من الشرطة واثنين من «الباسيج» التابعة لـ»الحرس الثوري» وجرح العشرات من العناصر الأمنية و18 منهم في حالة حرجة.وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 300 من «الدراويش»، في حين أكد أحد أتباع الحركة لـ«الجريدة» أن ما يزيد على مئة وخمسين درويشاً مصابون بجروح متفاوتة وبعضها خطيرة، إثر استخدام العناصر الأمنية للرصاص الحي لتفريق تظاهرة لهم اعتراضاً على مضايقات الأجهزة الأمنية التي سعت إلى إقامة نقاط تفتيش قرب منزل زعيمهم نور علي تابنده، فجر أمس.
ولم يستطع المصدر تأكيد مقتل أي من الدراويش بسبب احتدام الاشتباكات التي اندلعت ليل الاثنين ـ الثلاثاء واستمرت حتى ساعات الفجر وتسببت في انقطاع الاتصالات عن المنطقة الواقعة بشمال العاصمة.
مستشفى وشرارة
ولم تكشف السلطات عدد الإصابات في صفوف «الدراويش» لأنهم رفضوا نقل مصابيهم إلى المستشفيات خوفاً من اعتقالهم. وقام أطباء موالون للطريقة الصوفية بإنشاء مستشفيات ميدانية في البيوت لمداواة المصابين.وأفاد المصدر وبعض شهود عيان بأن الشرارة التي أدت إلى الصدمات انطلقت بعد أن اعتقلت شرطة طهران، أمس الأول، عدداً من الدراويش الذين اعتصموا بمحيط منزل زعيم الطريقة لمنع قوات الأمن من اعتقاله للتحقيق معه.وأطلقت الشرطة سراح جميع الذين اعتقلتهم بعد أخذ كفالات وإحالة ملفاتهم إلى السلطة القضائية عدا واحد اعتبرته المحرض الرئيسي بتجمع الدراويش حول منزل زعيم تابنده.إثر ذلك، قام مئات من أتباع الحركة بمحاصرة مخفر شرطة في منطقة باسداران وهددوا باقتحامه وإخلاء سبيل الدرويش المحتجز، مما أدى إلى استنفار مسلح للقوى الأمنية حول المخفر واستدعاء شرطة مكافحة الشغب.واقتحمت شاحنة بوابة المخفر في محاولة على ما يبدو لفتح الطريق أمام الدراويش لتحرير المحتجز. وأسفر الهجوم عن دهس 10 عناصر من الشرطة، منهم 3 قتلوا على الفور، ثم أعلنت السلطات مقتل 2 صباح أمس.واستخدمت شرطة مكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع، وأطلقت أعيرة نارية على المهاجمين لتفريقهم، مما أدى إلى تقهقر الدراويش وتراجعهم للالتحاق بالمعتصمين في محيط منزل تابنده القريب من المخفر.وتسلح المئات من الدراويش بالعصي والسكاكين وسيطروا على المنطقة المحيطة بمنزل زعيمهم في وقت منعت الشرطة سكان الحي من دخوله وطالبت أتباع الطريقة الصوفية بفض اعتصامهم قبل فجر أمس وتعهدت لقادة الحشد بأنها لن تعتقل أي شخص يخرج سلمياً من المنطقة.غير أن عناصر من قوات التعبئة الشعبية «الباسيج» استبقت انتهاء المهلة التي منحتها الشرطة للمعتصمين وهاجمت الدراويش لفض تجمعهم بدعم من قوات الأمن، مما أدى إلى صدامات كبيرة بين أسفرت عن سقوط عنصرين من «الباسيج» وجرح العشرات.محاربة ونفي
وهدد المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي العميد سعيد منتظر المهدي، بإحالة المعتقلين من الدراويش إلى القضاء بتهمت «المحاربة» لأنهم حملوا «السلاح الأبيض» ضد قوى الأمن. وهي تهمة عقوباتها الإعدام.وأفاد مصدر في قوى الأمن الداخلي أن الشرطة لديها وثائق وأفلام وصور تثبت أن 60 شخصاً من المعتقلين استخدموا السلاح ضد قوات الأمن أثناء الصدامات.وأكدت الشرطة أن سائق الشاحنة التي هاجمت المخفر تم اعتقاله، وقالت إنه من أعضاء الحركة الأمر الذي تسبب في ردة فعل واسعة ومنددة بالاعتداء على رجال الأمن وأعلنت مختلف التيارات السياسية الأصولية والإصلاحية تأييدها لتحركات قوى الأمن ضد الدراويش.في المقابل، نفى الدراويش أن يكون سائق الشاحنة التي اقتحمت بوابة المخفر أحد أعضاء الحركة الصوفية.وأكد الدراويش على الطبيعة السلمية لحركتهم وشددوا على أنهم لا يقومون بمحاجمة أي شخص، لكنهم يدافعون عن أنفسهم فقط، كل هذا في حين إن مجمل رجال الدين التابعين للأصوليين أو الإصلاحيين يعارضون حركة الدراويش ويعتبرونها خارجة عن الدين.حطام طائرة
في سياق منفصل، أعلن «الحرس الثوري» أن الحوامات التابعة له استطاعت أن تعثر على أجزاء من حطام الطائرة الإيرانية التي سقطت منذ 3 أيام، وأكد أن النقطة التي وجد فيها الحطام تقع أعلى قمة جبل دنا مكسوة بأمتار من الثلوج تحول دون إمكانية حوامات إنقاذ ما عليها للقيام بأعمال بحث عن أشلاء وجثث الضحايا.ولفت الحرس الثوري، إلى أن تسلق الجبل هو الطريقة الوحيدة للوصول لنقطة تحطم الطائرة.وكان وزير الاتصالات أكد في وقت سابق أن بعض هواتف الركاب كانت ما زالت فعالة بعد سقوط الطائرة، مشيراً إلى احتمال صحة كلام زوجة أحد الضحايا، التي ادعت أن زوجها اتصل بها بعد الحادث، وقال إن طائرتهم سقطت.وتمكنت السلطات الإيرانية من تحديد موقع السقوط بعد تتبعها لإشارات صادرة عن أجهزة الهواتف التي كانت بحوزة ركاب الرحلة الداخلية.إمامي وجلالي
إلى ذلك، أكد بيمان درفشان، وكيل عائلة الأستاذ الجامعي الإيراني ـ الكندي، كاووس سيد إمامي، الذي توفي في ظروف غامضة بالسجن الأسبوع الماضي أن العائلة تقدمت بشكوى قضائية ضد التلفزيون الحكومي الإيراني بسبب بثه لفلم مسجل يتضمن مشاهد خاصة في محاولة لإلصاق تهمة التجسس بإمامي، دون ثبوت إدانته من قبل محكمة.وقال درفشان إن إدارة التلفزيون الحكومي خالفت القانون عبر عرض فيلم يدين شخصاً لم تثبت إدانته من قبل جهة قضائية، وهو نوع من التشهير والإهانة بحق إمامي ومساس بمشاعر أسرته.وأضاف أن العائلة طالبت بالسماح بتشريح جثة المتوفى من قبل طبيب شرعي لأنها تشك في رواية السلطات التي قالت إن إمامي انتحر من تلقاء نفسه، لافتا إلى أن العائلة تعتبر أنه اغتيل أو تم إجباره على الانتحار.في سياق قريب، انتقدت طهران رسمياً السويد لمنحها الجنسية إلى استاذ جامعي إيراني يدعى أحمد رضي جلالي محكوم عليه بالإعدام بتهمة التجسس.من جهته، دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إنشاء هيكلية أمن جديدة لمنطقة الخليج العربي برعاية الأمم المتحدة، مؤكداً على هامش مشاركته بمنتدى "فالداي" للحوار في موسكو، أنه "لا يمكن لا للسعودية ولا لإيران ولا لأي بلد آخر في الخليج أن يفرض هيمنته على المنطقة".