لنقدم لهم مرايا يرون أنفسهم
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
السؤال هنا: هل هناك جدوى من الحديث العام عن الفساد وأربابه ونحن نشاهدهم – حتى بعد أزمة تدهور سعر برميل النفط - يتحركون ويأمرون ويتحدثون بكل أمور الدولة حتى عن الفساد، ونحن نعرف أنهم أساساً حواضن الفساد، والدولة كلها تكاد تصبح مثلثاً جغرافياً من الفساد، بكل صوره، من تفصيل المناقصات حتى التعيينات في الوظائف العالية حسب قواعد المحسوبية والقرابة، إلى تقديم الرشوة للحصول على خدمة مستحقة، وهي حق لكن "دهان السير" أصبح ضرورة حتى تمشي أمورك. من جديد نكرر، هل هناك جدوى من الحديث عن الفساد مع كل خالص التقدير للثرثرة السلطوية عن وجود المؤسسات التي تحاسب مثل مكافحة الفساد والسلطة القضائية... إذا كان أي حديث عن الفساد يصلك الرد بسرعة "هات الدليل" وقدمه لنا...؟! مع أن الدليل موجود لديهم... الدليل هو "أنتممممم... ماكو غيركم"، فأي دليل تتحدثون عنه ونحن نلمس قذارة الفساد لمس اليد كل يوم بكل صغيرة وكبيرة في الدولة، ونشاهد ملاحقة من يتحدث ويجهر به وتنعم أبطاله بملايينهم وعقودهم وصفقاتهم؟لنا إيمان مطلق بأن الفساد هو من الأسس التي قامت عليها الدولة الحديثة النفطية الريعية، واستمر عقوداً منذ ولادة التثمين، وتفصيله حسب قانون المحسوبيات وللمقربين، وحتى اليوم بتعيين قريب هذا أو ذاك الوزير في منصب قيادي، أو تمرير معاملة حسب قواعد الواسطة والمحسوبية، ولا مكان للحديث الممل عن التنمية والفساد، لأن الجماعة هم الجماعة، لم يتغيروا... لم يتبدلوا... وسيظل الفساد باقياً طالما ظلوا باقين في مركز القرار السياسي.أقصى ما يمكن أن نفعله للحديث عن الفساد، هو ألا نتحدث عنه، والأفضل أن نقدم كهدايا عشرات ومئات المرايا لأهل السلطة بكل درجاتهم... وندعوهم إلى أن يشاهدوا الفساد مجسداً أمامهم في مرايا انعكاس الذات.