«الكبير»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
أما الناقد علي أبو شادي (1946 – 2018)، الذي غيبه الموت منذ أيام، فهو لم يفوت مناسبة من دون أن يُبدي إعجاباً، بما عُرف عنه من تواضع، بكتاباتي، وكان بابه مفتوحاً لي في كل المواقع الثقافية، التي أدارها، بكفاءة واقتدار. وفوجئت به أثناء رئاسته المركز القومي للسينما (2008-2001)، عندما استطلع رأيي في اختياري لإدارة مركز الثقافة السينمائية، التابع للمركز القومي، ولما تذرعت بأنني: «موظف في وزارة الإعلام»، ابتسم قائلاً، بثقته المعهودة: «أيه المشكلة أقوم بانتدابك»، وهربت. لكنني لم أخذله، عندما أصر على ترشيحي في عضوية لجان التحكيم، التي كان يترأسها، سواء في المهرجان القومي للسينما، وقت أن كان على رأسه، أو مهرجان «جمعية الفيلم» السنوي للسينما المصرية، وهي اللجان التي كان يديرها بحنكة وخبرة، وقدرة فائقة على مواجهة العواصف، والوصول بها إلى بر الأمان، بنتائج أجمع الكل على نزاهتها وموضوعيتها وحياديتها.لم يتوقف عطاء علي أبو شادي عند المناصب القيادية، التي تولى إدارتها، كرئيس للإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعضوية المجلس الأعلى للثقافة، وأمين عام للمجلس، ومستشار لوزير الثقافة للشؤون الفنية، ومستشار لصندوق التنمية الثقافية للشؤون الفنية، ورئيس قطاع الإنتاج الثقافي... وأثار الكثير من الزوابع عند توليه منصب عضو مجلس الإدارة المنتدب للشؤون الفنية بشركة مصر للصوت والضوء والسينما. لكنه عاد ليثري الساحة بكتابه «وجوه وزوايا»، وهو الذي قدّم إلى المكتبة السينمائية: «السينما والسياسة» (1998)، و{كلاسيكيات السينما المصرية»، الذي جمع، في ثلاثة أجزاء، مقالاته الرصينة التي كتبها في مجلة «فن» اللبنانية، و{سحر السينما» (2006). لكنني رأيت أن كتاب «وجوه وزوايا»، الذي صدر عن دار بتانة للنشر والتوزيع، ويقع في 180 صفحة، مثل «محاولة لتقديم صورة مقربة لعدد من الشخصيات التي أثرت وأثَرت في السينما المصرية عبر تاريخها، وسعت، وما زال بعضها يسعى، إلى الارتقاء بهذه السينما باعتبارها رافداً أصيلاً من روافد الثقافة الوطنية، وكان لمعظمها دور فاعل ومؤثر في تغيير وجه الفن السينمائي كتابة وتمثيلاً وإخراجاً ونقداً»، كان أقرب إلى المحاولة غير المكتملة، بإغفاله الحديث عن بعض أفلام يوسف شاهين، ووقوعه في فخ التكرار، عند الحديث عن أفلام سينمائية، وعلاقات إنسانية، وقع في غرامها. وعبت على الكتاب «نهجه التجميعي»، غير المعتمد على أسس وقواعد، وأضفت: «إذا لم يكن هناك بدٌ من «التجميع» فلا أقل من «التنقيح»». ورغم أنني أثنيت على امتلاكه «رشاقة الأسلوب، وجزالة الألفاظ، وبلاغة الوصف، وسلاسة السرد»، فإن وجهة نظري لم ترق له، وعاتبني «عتاب المحبين»، وإن ظل على حبه واحترامه لشخصي، ولم ينقطع عن تهنئتي في كل مناسبة، وكان يُلبى دعوتي في كل مرة أدعوه فيها إلى النزول ضيفاً على برنامجي «اتفرج يا سلام»، الذي اقتديت في فكرته ببرنامجه «سينما لا تكذب»، ضارباً المثل والقدوة بأن «الخلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية».. وهي «شيمة الكبار».