إحدى أهم الطفرات التقنية التي ظهرت مؤخرا هي الحوسبة السحابية التي تعرف بمجموعة من الخدمات الحاسوبية المتكاملة التي تقدم عبر الإنترنت بهدف التيسير على المستخدم، وتتنوع تلك الخدمات لتشمل خدمات التطبيقات السحابية، كخدمات أنظمة التشغيل السحابية، وخدمات البريد الإلكتروني، وخدمات الطباعة، وخدمات التخزين السحابي وغيرها الكثير، حيث يستطيع المستخدم عند اتصاله بالشبكة التحكم في هذه الموارد عن طريق واجهة برمجية بسيطة من دون التدخل في التفاصيل الداخلية للنظام. ومن أكثر الخدمات انتشارا التخزين السحابي مثل "دروب بوكس"، وسكاي درايف (من مايكروسوفت)، وآي كلاود (من شركة أبل)، وغوغل درايف وغيرها كثير، حيث توفر هذه الخدمة عملية حفظ المعلومات والملفات على خوادم في النت، كما تسهل عملية الوصول إلى المعلومات والملفات في أي وقت ومن أي مكان، وفي حال ضياع الجهاز أو تلفه، تستطيع استرداد نسخ احتياطية من ملفاتك الموجودة في خوادم من النت.
بالإضافة إلى ذلك تتميز خدمات التخزين السحابي بخصوصية التزامن، أي في حال عمل أي تغيير في الجهاز سواء إضافة صورة أو ملف أو حذفه أو إجراء مكالمات صوتية أو رسائل كتابية (في حال الأجهزة الذكية) سيتم نقل هذا التغييرات ونسخها في جميع الأجهزة التي تحمل الحساب نفسه، وهنا الخطورة تكمن، فمعظم المستخدمين لا يدركون أهمية وخطورة إعطاء الحساب إلى أشخاص غير موثوقين، فمن خلال معرفة أي شخص للحساب سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة (اختراق الحساب) يستطيع التحكم بجهازك عن بعد بكل سهولة، بل نسخ جميع بيانات الجهاز والرد على اتصالاتك ومسح الرسائل وكأن الجهاز بيده. كما تعتبر هذه الخدمة سلاحا ذا حدين من خلال استغلال بعض الشركات المضيفة لخدمات السحابة لبيانات المستخدمين والتحكم فيها، ومن ثم تستطيع فرض الرقابة والهيمنة على تلك البيانات، سواء بصورة مشروعة أو غير مشروعة، وقد سجلت ما يزيد على 10 ملايين مكالمة هاتفية بين المواطنين الأميركيين، تسببت في خلق جو من عدم الثقة، بالإضافة إلى منحها سلطاتٍ أكثر لشركات الاتصالات والحكومات لمراقبة أنشطة المستخدمين، ناهيك عن الاتجار ببيانات المستخدمين وبيعها لشركات الإعلانات وغيرها.لذلك يجب علينا ألا نثق بكل ما تطرحه التقنية ونحسن استغلالها بالصورة التي لا تضرنا أو ترهقنا من خلال فصلها عن خصوصياتنا وعدم إقحام تفاصيل حياتنا الشخصية في فضاء افتراضي لا ندرك عقباه!*عضوة هيئة تدريس في جامعة الكويت
مقالات - اضافات
التخزين السحابي... وعواقبه!
24-02-2018