«High Light»: جامعة الكويت وتنمية المواطنة

لقد أمكن من خلال معايشة واقع جامعة الكويت رصد ما يسود هذا الواقع من أوجه القصور التي تقف عائقاً أمام بناء مواطن كويتي ينتمي بعمق إلى أرضه وتاريخه، والسلبيات التي سنتعرض لها فيما يأتي من بين ما ينبغي التخلص منه كي يتحقق مناخ صحي للجامعة، يسمح لها ببلوغ هدف خلق المواطن الصالح. ونوجز هذه السلبيات في أن جامعة الكويت تعاني انخفاضا في وتيرة التفاعل بين الطلاب والأساتذة، وحواجز نفسية واجتماعية بين الطلاب وسلوك أعضاء هيئة التدريس يتنافى مع الأداء الديمقراطي؛ مما أدى إلى تباين بين الصورتين المثالية والواقعية التي يتسم بها الأستاذ الجامعي، وهذا أضعف وتيرة التفاعل التربوي القائم بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

كذلك قيم التسلط والسيطرة والعلاقات العمودية بين أطراف الحياة الجامعية تشكل القاعدة السائدة، وعلى النقيض تشكل العلاقات الديمقراطية غياباً واضحاً في البيئة الجامعية؛ وهذا ما أكده أعضاء هيئة التدريس، حيث يرون أن المقررات الجامعية لا تؤدي رسالتها في بناء الوعي الديمقراطي، ويؤكدون الحاجة إلى بناء مقررات لتدريس حقوق الإنسان والدستور الكويتي على أن تدرس بطريقة علمية حديثة من خلال خلق مواقف يمارس من خلالها الطلاب قيم الديمقراطية.

ومن بين ما تعانيه الجامعة انخفاض مستوى الحرية الأكاديمية فيما يتعلق ببعض الجوانب، ولا سيما اختيار العمداء ورؤساء الأقسام، واختيار القيادات الطلابية وحرية الأستاذ الجامعي في مجال القول وحرية التعبير عما يعتقد بصحته من آراء دون قيود.

والأمر يتعاظم في ظل حاجتنا لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري؛ لذلك نحتاج إلى سياسة تربوية شاملة يكون تصحيح أوضاع الجامعة جزءاً أصيلاً فيها؛ سياسة تربوية هدفها تكوين المواطن الواعي المنتمي إلى أرض وطننا منذ أن يرى النور، بدءاً من الأسرة ودور العبادة ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية من الحضانة إلى نهاية السلم التعليمي، كلها مسؤولة ولها دور أكيد ومؤثر في بناء المواطن الكويتي الذي يستطيع أن يغير حاضره نحو غدٍ أفضل.

ختاماً:

بدون توافر شروط المواطنة الدستورية الصحيحة على مستوى المجتمع والدولة؛ يصبح ما تحاوله المؤسسات التربوية من تشريب النشء قيم المواطنة لا طائل من ورائه، فالمحك الأول والأخير أن يجد المواطن في المجتمع كل ما يتوقعه نتيجة لتعليمه وتربيته، فإذا ما قصرنا الجهد على الجامعة أمكننا أن نبلور مجموعة من التصورات التي يمكن البناء عليها؛ ليقوم للجامعة الواقع الجديد الذي نحلم به، وهذا ما سنتناوله في مقال قادم.

ودمتم بخير.