تشكيل القارئ
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
هذا القارئ البسيط، كما يصفه إيكو، هو فاعل مهم في إحياء النص وإخراجه من رفوف المكتبة الأدبية والدراسات الأكاديمية إلى العامة عبر سلسلة من القراءات يقودها القراء من خلال توصيات أصبحت اليوم منتشرة، بفضل قنوات التواصل الاجتماعي. والقارئ غالبا يثق بما ترشحه له الدوائر الأدبية والتجمعات القرائية المنتشرة بكثرة اليوم. وبالتأكيد، ستلعب الجوائز الأدبية، بغض النظر عن رأينا واتفاقنا واختلافنا حول إخلاصها للأدب العربي والروائي تحديدا أو إخلاصها لذاتها، الدور الأكبر في ترشيح أعمال روائية دون غيرها للقارئ الناقد والقارئ العادي، ولا أفضّل تعريف إيكو له البسيط. الجائزة الأدبية، رغم عدم ثقتنا دائما، وكما دلّت التجارب السابقة، نقديا برأيها في العمل الأدبي، تقدم نصا للقارئ على أنه هو المثال الأكمل والأكثر جودة؛ لغة وتقنية وموضوعا، وبناء عليه سيرى القارئ أن هذه اللجنة المنتقاة هي الأجدر في الحكم على النص. يتشكل وعي القارئ تحت هذه الوطأة الغامضة، دون أن يهتم بخضوعها، لاعتبارات كثيرة غير فنية، ويرى أن قراءاته يجب أن تصبُّ في هذا المثال الأدبي الذي تم تقديمه. وربما يتجاهل أعمالا جيدة ومجيدة تم تجاهلها من القائمين على تقويم العمل الأدبي.الجدل الذي حدث أخيرا حول قائمتي البوكر هو جدال مهم وصحي، ولا أتفق مع الذين يطالبون بالتوقف عنه. المسألة ليست موقفا من جهة تريد منح جائزتها بناء على موقفها من هذا العمل أو ذاك، لكن هذا الجدل هو ألا نوحي للقارئ بأن كل هذه الأعمال الستة هي المثال الروائي والصيغة الأكثر اتقانا في السرد. الجدل هو حول حث القارئ على البحث عن العمل الروائي، والتمكن من تشكيل وعيه الخاص دون تأثير ذائقة أخرى، يعتقد بأنها الأكثر معرفة، في تشكيل هذا الوعي. ملاحظة أخيرة: لست ضد كل الأعمال التي رشحت، لكني أحرض القارئ على ألا يسلم ذائقته القرائية للجنة أو أصحاب جائزة.