احتفلت مدينة البصرة بقدوم الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، وهو يحمل طبعته الخاصة بالعراق إلى مدينته ومسقط رأسه «السبيليات».فدأب إسماعيل على زيارة مدينة البصرة وتلبية الدعوات لحضور ندوات ثقافية وأمسيات فنية كي تستمر اللوحة الثقافية التي وضع إطارها يوم أسس النادي الثقافي في السبيليات قبل أكثر من 60 عاماً.
فقصر الثقافة الذي يمثل رافداً مهماً للثقافة البصرية وبمبادرة جميلة من دار «شهريار» (المكتبة العامرة) والتجمع الثقافي العراقي الحديث، وبجهد خالص من الدكتور لؤي حمزة والأستاذ صفاء ذياب، كانت أمسية ثقافية حملت العطر الكويتي واحتفالاته وعطر أمسيات البصرة النابضة بالحياة. كانت الساعة الخامسة، وكان احترام الوقت والجمهور الذي غصت به قاعة القصر الثقافي والذي تصدرته لوحة كتب عليها «احتفاءً بالرواية الكويتية ومؤسسها، احتفاءً بـ«السبيليات» وحكاية أم قاسم، احتفاءً بإسماعيل فهد إسماعيل».نعم كانت الحفاوة جميلة جداً تليق بصاحبها، فأهل البصرة هم ملح الأرض وهم النخلة السامقة. افتتح الدكتور لؤي الجلسة بعرض فيلم وثائقي عن رحلة إسماعيل من البقعة الداكنة حتى السبيليات، فكان هذا العمل إنجازاً رائعاً ولفتة تحمل لمسة وفاء للأستاذ إسماعيل وتخليداً لهذه الجلسة الحميمية والراقية بكل ما تعنيه الكلمة.بعدها قُدّمت الأوراق وكان لأساتذة النقد الحديث عن رواية «السبيليات» حيث كانت محل إبهار وصورة جديدة للتجريب والتجديد. تحدث الدكتور ضياء الثامري والذي تقدم بشكره لإسماعيل وتشريفه مدينة البصرة كي يحمل «السبيليات» المكان والذاكرة. ومن خلال ورقته قال «إننا إزاء ثلاث سرديات تعايشت مع بعضها وتوافقت وبالتالي كان هذا النص نتيجة ذلك التعايش وذلك التوافق».كذلك قال: «المتابع لتجربة إسماعيل فهد إسماعيل الروائية يكتشف بوضوح استثمار هذا الكاتب المكان ليس بوصفه مكوناً من مكونات الفضاء الروائي فحسب، وإنما الذهاب به نحو مساحات تأويل واسعة وهنا يمكن أن نشير الى عناوينه الأكثر شهرة، «النيل يجري شمالاً، والشياح، وطيور التاجي».
تفكيك النص
أما الناقد الدكتور عادل عبد الجبار ففكك النص وحاول أن يجد طرائق من وجهة نظر سردية، كذلك ربط بعض الحوادث والتواريخ التي ارتبطت بالأسماء والأمكنة.من جهته، اعتبر الناقد جميل الشبيبي، وهو رفيق درب إسماعيل وصديق طفولته، أن الرواية ذاتية حملت سمات المرأة العراقية الصابرة، وكيف واجهت الحرب رغم أنها امرأة بسيطة. كذلك اعتبر الناقد أن «السبيليات» رواية حرب بامتياز.قسوة الحرب
ختم الأستاذ إسماعيل الجلسة بكلمة بسيطة عن حنينه إلى مدينته، وكيف أراد أن يؤدي التحية إلى هذا المكان المقدس ولأم قاسم التي تحملت قسوة الحرب ومشاق شظف العيش. في اليوم التالي 18 فبراير الجاري أقام «مركز دراسات البصرة والخليج العربي قسم الدراسات اللغوية والأدبية» ندوة علمية بعنوان «الإنسان والسرد في روايات إسماعيل فهد إسماعيل».أصبوحة أدبية
كانت أصبوحة أدبية حضرها لفيف من أساتذة الجامعة يتقدمهم مدير المركز الدكتور فهد مزبان، والذين رحبوا بتشريف الأستاذ إسماعيل مركزهم الثقافي والذي كان متعطشاً لفتح الحوار معه كي يقفوا على كيفية بناء الشخصية في رواية «السبيليات» كما جاء في ورقة الدكتور صباح عبد الرضا. أما الدكتورة إشراق سامي فتحدثت عن الإنسان والسرد في روايات إسماعيل فهد إسماعيل، وتساءل الدكتور غسان نجم عن الوعي ما بعد الحداثة في تجربة «السبيليات»، فيما تحدث عن التجريب الروائي وتداخل الأشكال فيها الأستاذ أحمد قاسم حميد. أما من ختم هذه الأصبوحة فهو الأستاذ خالد صكبان فأخذ مفردة الفضاء الروائي في «السبيليات».مؤسسات ثقافية
اختتم الحفل بتقديم الدروع لإسماعيل، كذلك لمن شارك في الندوة الأدبية والتي جسدت هذا التواصل الأدبي والثقافي بين البلدين الشقيقين الكويت والعراق، آملين بتكرار هذه الزيارات التي توثق الترابط واللحمة وتضيف دفقاً إلى الجهود الأخرى التي تقيمها المؤسسات الثقافية في الكويت كانت أو في العراق.