جددت قوات النظام السوري غاراتها على الغوطة الشرقية المحاصرة موقعة المزيد من القتلى المدنيين، على رغم طلب مجلس الامن قبل يومين هدنة "من دون تأخير" حثت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الاثنين على وجوب تطبيقها "فوراً".

وتراجعت وتيرة الغارات على المنطقة المحاصرة غداة صدور قرار مجلس الامن ليل السبت من دون أن تتوقف كلياً، في وقت تخطت حصيلة القتلى منذ بدء الهجوم في 18 فبراير 550 مدنياً، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

Ad

وقتل الاثنين 17 مدنياً بينهم أربعة اطفال وفق المرصد جراء غارات وقصف مدفعي لقوات النظام طال تحديداً مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية والتي يسيطر عليها فصيل جيش الاسلام.

ومن بين القتلى في دوما تسعة اشخاص من عائلة واحدة تم سحب جثثهم من تحت أنقاض مبنى طاله القصف بعد منتصف الليل.

وبحسب مراسل فرانس برس، لازم سكان مدينة دوما الاثنين الأقبية خشية من تجدد الغارات فيما خلت الشوارع الا من حركة مدنيين خرجوا مسرعين بحثاً عن الطعام او للاطمئنان على اقاربهم.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن "وتيرة الغارات والقصف تراجعت منذ التوصل الى قرار وقف اطلاق النار، من دون أن تتوقف الهجمات كلياً، والدليل استمرار سقوط ضحايا مدنيين وإن بدرجة أقل من الأسبوع الماضي".

ومنذ بدء حملة التصعيد، استهدفت قوات النظام الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ العام 2013، بالغارات والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف. وتزامن التصعيد مع تعزيزات عسكرية تنذر بشن هجوم بري وشيك.

وتدور منذ صباح الأحد معارك ميدانية في منطقة المرج التي تتقاسم قوات النظام وفصيل جيش الاسلام السيطرة عليها. وتتركز الغارات على نقاط الاشتباك.

جددت الأمم المتحدة الاثنين المطالبة بالتطبيق الفوري لقرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوماً، خصوصاً في الغوطة الشرقية.

وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الاثنين في جنيف ان "قرارات مجلس الامن يكون لها معنى فقط اذا طبقت بشكل فعلي، ولهذا السبب اتوقع ان يطبق القرار فورا".

وشدد على أنه آن الآوان "لانهاء هذا الجحيم على الارض" في اشارة الى الغوطة الشرقية.

وفي السياق ذاته، شددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الاثنين عند بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي في بروكسل على أن "هذه الهدنة يجب ان تطبق على الفور".

وتبنى مجلس الامن مساء السبت بالاجماع قرارا تم تعديل صياغته أكثر من مرة. ويتضمن أن تلتزم "كل الاطراف بوقف الاعمال الحربية من دون تأخير لمدة 30 يوما متتالية على الاقل في سوريا من اجل هدنة انسانية دائمة" لافساح المجال أمام "ايصال المساعدات الانسانية بشكل منتظم واجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة".

وانتقد مفوض الامم المتحدة السامي لحقوق الانسان زيد رعد الحسين في جنيف الاثنين عدم التحرك حيال النزاعات في دول عدة بينها سوريا، معتبراً أنها "اصبحت مثل بعض المسالخ للبشر في العصر الحديث لانه لم يتم التحرك بشكل كاف لمنع هذه الاهوال".

وأبدى الرئيس الفرنسي ايمانويال ماكرون الاثنين "مخاوف شديدة" حيال استمرار الضربات على الغوطة الشرقية. وشدد خلال اتصال اجراه بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان على ان "الهدنة الانسانية تشمل مجمل الاراضي السورية بما فيها عفرين" غداة اعلان تركيا عزمها مواصلة هجومها في المنطقة ذات الغالبية الكردية.

ويستثني قرار الهدنة العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة في اشارة الى هيئة تحرير الشام وكل المجموعات والاشخاص المرتبطين بها.

وتفتح هذه الاستثناءات الطريق امام تفسيرات متناقضة لا سيما أن دمشق تعتبر فصائل المعارضة "ارهابية"، ما من شانه أن يهدد الاحترام الكامل لوقف اطلاق النار.

ومع استمرار القصف على الغوطة الشرقية الأحد، أصيب 14 مدنياً على الأقل بعوارض اختناق أدت الى مقتل أحدهم وهو طفل عمره ثلاث سنوات، بعد قصف لقوات النظام وفق المرصد الذي لم يتمكن من تأكيد ما اذا كانت العوارض ناجمة عن تنشق غازات سامة.

وقال مراسل لوكالة فرانس برس إن المصابين وبينهم نساء وأطفال نقلوا الى مستشفى ميداني في الغوطة الشرقية. وشاهد امرأة تتناوب مع طفليها على وضع قناع أوكسيجين لمساعدتهما في التنفس.

وأفاد طبيب عاين المصابين لفرانس برس ان معظمهم يعاني حالات تهيج في العيون وضيق تنفس، مرجحاً ان تكون ناجمة عن تنشق غاز الكلور الذي تصاعدت رائحته من اجسادهم وثيابهم على حد قوله.

واتهم القيادي البارز في جيش الاسلام محمد علوش في تغريدة على تويتر قوات النظام باستخدام غاز الكلور في القصف، في حين اتهمت وزارة الخارجية الروسية في بيان الفصائل "بالتخطيط لهجوم بمواد سامة بهدف اتهام القوات الحكومية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين".

وتكرر منذ مطلع العام ظهور عوارض اختناق وضيق تنفس تحديداً في الغوطة الشرقية. وهددت دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا في وقت سابق هذا الشهر بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدم السلاح الكيميائي.

ولطالما نفت دمشق تنفيذ أي هجمات بالغازات السامة، مؤكدة أنها دمّرت ترسانتها الكيميائية في العام 2013.