كشف تقرير ديوان المحاسبة الخاص بالنظر في مصروفات حساب العُهد للحساب الختامي للدولة للسنة المالية 2016 /2017 والتحقق من وجود التجاوزات بهذا الخصوص، عن استغلال حساب الأصول "العُهد" للصرف بالتجاوز على اعتمادات الميزانية من جانب الجهات الحكومية وعدم تسوية الأرصدة المدورة منذ عدة سنوات مالية، مما يشكل مدعاة للتلاعب والإضرار بالمال العام.
وقال الديوان، في تقريره الذي تسلمته لجنة الميزانيات البرلمانية أخيراً، وحصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن الممارسات التي تنتهجها الجهات الحكومية بالصرف خصماً على حساب الأصول "العُهد" بما يخالف القواعد القانونية المنظمة أفقدت الحساب الختامي للدولة مصداقيته، وسلبته أهميته من عكس المركز المالي للدولة، كما تعطي مدلولات خاطئة منها عدم دقة العجز في الحساب الختامي في السنة المالية 2016 / 2017 والبالغ نحو 5.9 مليارات دينار، وينبغي أن يكون 6.8 مليارات عند إضافة مبالغ التجاوزات بالصرف في حساب العهد والمصروفات التي تتم تسويتها.
المبالغ المصروفة
ووفق التقرير، فإن إجمالي رصيد العهد في الحساب الختامي للوزارات والإدارات الحكومية فقط للسنة المالية 2016 /2017 بلغ نحو 5.8 مليارات دينار، يمثل مبالغ متراكمة مصروفة فعلياً.وأكد الديوان تحفظه على ما يجاوز 2 مليار دينار، إذ إن 98 في المئة من هذه المبالغ تمثل دفعات واعتمادات نقدية بالخارج خاصة بكل من وزارات (الصحة والخارجية والتعليم العالي والدفاع) لم يطلها الفحص منذ أكثر من 6 سنوات، وقد يمثل ذلك مؤشراً على وقوع تجاوزات في الصرف، وفق تعبير الديوان في تقريره.ربط إلكتروني
وأشار التقرير إلى عدم وجود ربط إلكتروني بين الوزارات المذكورة ومكاتبها بالخارج أدى إلى عدم الرقابة على الدفعات التمويلية المحولة لتلك المكاتب، وتحويل مبالغ لها دون مراعاة توفر اعتمادات بالمزانية، مع عدم مراجعة المستندات المؤيدة لمعظم مصروفات المكاتب الخارجية، وخاصة الطبية منها.وبيّن المحاسبة في تقريره أن الجهات الحكومية تجاوزت بالصرف على اعتمادات بنود الميزانية بما يجاوز 1 مليار دينار، وأن جزءاً كبيراً منها تركز في الحساب الختامي للسنة المالية 2016 /2017.وجاء في نتائج تقرير العهد للديوان أن صدور موافقات من وزارة المالية للجهات الحكومية بالموافقة على الصرف واشتراط تسويتها في نهاية السنة المالية من الوفورات المحققة مع تحميلها مسؤولية ملاحظات الجهات الرقابية، إنما هو تقنين للتجاوزات الدستورية، وتخل لوزارة المالية عن دورها.حساب وسط
وذكر التقرير أن حساب العهد هو حساب وسط يستخدم لتغطية تجاوز الجهة الحكومية لمصاريف أحد بنود ميزانياتها لعدم كفاية الاعتماد المالي المرصود لهذا البند، على أن تتم تغطية هذا التجاوز خلال السنة المالية نفسها من خلال عمل مناقلات مالية من مبالغ لم يتم استخدمها في البنود الأخرى.لكن نتيجة لعدم توفر المبالغ الكافية في الباب ذاته لعمل مناقلات مالية بين البنود لتغطيتها في نهاية السنة المالية، أدى ذلك إلى تراكم هذه المبالغ دون القدرة على تسويتها.أثر مالي
وكشف التقرير توسع الجهات الحكومية في اللجوء إلى استخدام حساب العهد، وبيّن أن صدور العديد من القرارات ذات الأثر المالي على الميزانية العامة للدولة دون مراعاة مدى كفاية الاعتمادات المالية المختصة أدى إلى لجوء الجهات الحكومية إلى الصرف خصماً على حساب العهد تنفيذاً لتلك القرارات.وأوضح التقرير أن من تلك الجهات، التي تصدر قراراتها هي لجان مجلس الوزراء، إذ تعتمد مبالغ إضافية للجهات الحكومية على هيئة مشاريع اعتمادات لتصرف فعلياً على حساب العهد، إلى حين اعتماد مجلس الأمة مشاريع تلك القوانين لاحقاً، وهو أمر يراه المكتب الفني للجنة بجعل الموافقة على تلك المشاريع من نوع سياسة (الأمر الواقع)، مع التأكيد أن هذا الإجراء مخالف لنص المادة 146 و147 من الدستور.معلومات خاطئة
وشدد التقرير على أن وزارة المالية تفيد بمعلومات خاطئة كلياً لتخلي مسؤوليتها في هذا الجانب لتحميل الجهات الحكومية تبعات هذه الملاحظات ومنها ما يلي:1- إفادة خاطئة من وزارة المالية في كتاب رسمي لها مرسل للجنة أن وزارة الصحة تقوم بالنقل من بين الأبواب لتغطية تجاوزها بالصرف على بند العلاج بالخارج، في حين تقدم وزارة الصحة للجنة تجاوزها بالصرف على بند العلاج بالخارج، وقدمت "الصحة" كتاباً رسمياً للجنة يفيد بأن هذه التحويلات تمت بمعرفة وزارة المالية وفي مقرها، بناء على ما انتهى إليه مجلس الوزراء في زيادة المبالغ المخصصة للصرف على الخدمات الصحية بالخارج.2- إفادة خاطئة من وزارة المالية في سؤال برلماني لعضو لجنة الميزانيات والحساب الختامي د. عودة الرويعي بأنه ستتم تسوية الأرصدة التراكمية في حساب العهد (دفعات واعتمادات نقدية بالخارج) من خلال اعتمادات الميزانية، لأن المبالغ المصروفة بالعهد تقابلها مبالغ معلاة بالأمانات.مسار الميزانية
ويشير التقرير إلى أن مثل هذه الإفادات الخاطئة لا تدعم تصحيح مسار الميزانية، إذ لا يمكن محاسبياً، تحت أي ظرف من الظروف، استخدام رصيد الأمانات لإقفال رصيد العهد لاختلاف المفهومين كلياً، إضافة إلى أن الحكومة تتقدم بمشاريع قوانين لاعتمادات إضافية لتغطية تجاوزات الجهات الحكومية بالصرف، مما يؤكد أنه لا توجد مبالغ بالعهد يقابلها مبالغ بالأمانات، لو افترضنا جدلاً صحة هذه الممارسة ووجودها عملياً على أرض الواقع، علماً أن الأمر ليس كذلك.أبرز الجهات المتجاوزة في حساب العهد
أظهر تقرير ديوان المحاسبة أن الجهات الحكومية الـ4 الأكثر تجاوزاً في استخدام حساب العهد بصورة لا يجيزها القانون، خصوصاً فيما يتعلق بدفعات واعتمادات نقدية بالخارج، والتأخر في تسويتها محاسبياً لسنوات، الأمر الذي أدى إلى أن الحسابات الختامية للجهات ادناه لا تعبر عن حقيقة مصروفاتها الفعلية تتمثل في الآتي: وزارة الصحة 1.08 مليار دينار، ووزارة الخارجية 652 مليوناً، ووزارة التعليم العالي 259 مليوناً، ووزارة الدفاع 217 مليوناً.