يتمحور كتاب «المنظور الفلسفي للسلطة عند ميشال فوكو- دراسة في الفلسفة السياسية والاجتماعية» حول الأسس الفلسفية التي بنى عليها فوكو منظوره الخاص للسلطة ومقارنة بينها وبين الطروحات الفلسفية في شأن السلطة، ويتألف من أربعة فصول:

يتضمّن الفصل الأول نبذة في السيرة الذاتية لفوكو، من خلال عرض لمراحل تطور شخصيته والأوضاع الاجتماعية التي أسهمت في تشكيل منظوره الفلسفي تجاه مختلف قضايا المجتمع، إضافة إلى تقديم نبذة شاملة ومختصرة عن منهجية فوكو في فلسفة النقد الاجتماعي.

Ad

«التأصيل الفلسفي لمفهوم السلطة»، عنوان الفصل الثاني، يتناول السلطة في معناها الاصطلاحي، وفي تطور مفهومها الفلسفي في الفكر السياسي الغربي الذي يتحكّم في تطوره اتجاهان: الأول يحصر السلطة في مجال السياسة والحكم؛ والثاني يرى أن السلطة متموضعة في جوانب الحياة البشرية المختلفة.

يشير المؤلف في هذا السياق إلى أن الطبيعة البشرية أسهمت في ابتكار مفهوم السلطة، عندما بدأ الإنسان منذ الأزل البحث عن سلطة يخضع لها أو يطيعها بغض النظر عن أدوات هذه الطاعة ووسائلها، وهنا يتحدث المؤلف عن بحث الإنسان عن السلطة اللاهوتية التي كان يراها في الظواهر الطبيعية، ويقول إن نيتشه هو من ابتكر، وفوكو هو من طوّر، مفهوم الحقيقة والسلطة كونها مفاهيم متشابكة ومتداخلة في الحياة الإنسانية؛ إذ إن هذه المساهمة الفلسفية قادت إلى إنتاج وترسيخ وصف دقيق لعلاقة السلطة بالفرد والمجتمع.

جدليات السلطة

يعرض الفصل الثالث، «جدلية المعرفة والسلطة عند ميشيل فوكو»، من خلال مناقشة طروحاته حول السلطة والمعرفة في منهجه الأركيولوجي، ووسائل الممارسة السلطوية وتقنيات السيطرة التي يشخّص فوكو من خلالها تصوراته لإشكالية السلطة. وبحسب الباحث، الأركيولوجيا المعرفية عند فوكو هي البديل من علم تاريخ الأفكار الذي يُنظر إليه بوصفه تحليلًا للآراء أكثر من كونه تحليلًا للمعرفة.

الفصل الرابع والأخير، «السلطة بين الدولة والمجتمع»، يتناول مفهوم رؤية فوكو الفلسفية للسلطة على مستوى الدولة، والعلاقة بين السلطة والدولة، ورؤيته لمفهوم السلطة على مستوى العلاقات السلطوية داخل المجتمع. يوضح المؤلف أن فوكو سعى إلى قلب نظرية العقد الاجتماعي وأفكاره التي مثّلت منذ قرون شعاراً لا يمس للمدنية والحداثة، بتقديمه طروحات جديدة لفهم العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة. وهذه الدولة عند فوكو كيان يبحث عن المصلحة. ولما كانت مصلحة الدولة هي الأساس، فإن أي حديث في طبيعة السلطة التي تمتلكها الدولة يصبح ثانوياً عند المقارنة بما يعرف بالمصلحة الوطنية أو القومية.

يختتم الكتاب بخلاصة لمنظور فوكو الفلسفي للسلطة مما جاء فيها: ليست السلطة امتلاكاً متفرداً لا من الدولة ولا من طبقة أو فئة معينة في المجتمع؛ لا تنشأ العلاقات السلطوية داخل المجتمع خارج العلاقات السياسية والاقتصادية والمعرفية والجنسية، إنما تكون ناتجة منها؛ المصدر الحقيقي للسلطة هو أسفل القاعدة الهرمية للمجتمع، وليس قمته؛ ليست السلطة سلطة الدولة التي تمارسها أجهزتها المنتشرة في الجسد الاجتماعي، بل الدولة نتاج وأثر مجموع العلاقات السلطوية في المجتمع؛ حيث تكون السلطة، يجب أن تكون المقاومة.

الفلسفة السياسية

باحث من الأردن، حائز شهادة الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة الأردن (2014)، وماجستير في العلوم السياسية (علاقات دولية). يعمل مدير قسم الدراسات والبحث العلمي في مركز «بانا للاستشارات والأبحاث والتدريب».