حرمت موجات غلاء ضربت قطاعات حيوية ورئيسية على مدار الأعوام الـ3 الماضية المصريين من جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي أطلقته الحكومة عام 2014 لإنعاش الاستثمار.

واعتاد تجار سوق الأقمشة في حي الأزهر الشعبي بالقاهرة، قبل نحو 5 أعوام، ازدحام أزقته الضيقة المليئة بالمحلات بحركة الفتيات الساعيات إلى تجهيز منازلهن استعدادا للزواج، لكن المشهد أصبح يقتصر على البضائع المعلقة بسبب ارتفاع الأسعار.

Ad

وعند مدخل إحدى حارات حي الأزهر العتيقة، التي ينتمي معظم قاطنيها إلى الطبقة المتوسطة أو أدنى، تقول شيماء، ربة المنزل الثلاثينية لوكالة "فرانس برس"، "كل من يرغب في الزواج الآن يضطر إلى التأجيل، لا يوجد مال من الأساس لكي يشتري أحد أي شيء".

وأضافت شيماء، التي وقفت برفقة والدتها تختار بين الأقمشة والمفروشات الملونة المعروضة بين الجدران والأعمدة القديمة، "قبل أعوام، كان المرتب يكفي ويفيض، أما الآن فراتب من 3000 أو 4000 جنيه في الشهر لا يكفي"، مضيفة: "ما نراه يعكس عدم تحسن الأوضاع، الأسعار مشتعلة والحياة غالية".

وفي إشارة إلى الركود في حركة البيع، قال سيد محمود (50 سنة)، وهو أحد تجار الأقمشة والمفروشات بالأزهر، وقد جلس في محله الخاوي من الزبائن: "انتصف النهار، وأجدني جالسا على باب الله".

وأرجع محمود، وهو أب لخمسة أبناء، هذا الركود إلى "تعويم الجنيه"، وتآكل القدرة الشرائية للمصريين، ويقول: "البطانية كانت بسعر 200 جنيه أصبحت الآن بـ800 جنيه".

وذكرت عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة علياء المهدي: "رغم أن بعض إجراءات الحكومة إيجابية فإن قرار تحرير سعر الصرف كان الاسوأ في تطبيقه، بسبب انعكاساته السلبية على المواطنين وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار".

وأوضحت الخبيرة الاقتصادية انه يجب التركيز من جانب الحكومة على قطاعات "الصناعة والزراعة والخدمات لتقليل البطالة بشكل مستمر وحقيقي، في حين أن المشروعات القومية لا تحتاج إلا عمالة مؤقتة" تنتهي بانتهائها.

وإضافة إلى تعويم الجنيه، تضمن برنامج الإصلاح، الذي حصلت القاهرة بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار، على 3 سنوات من صندوق النقد الدولي، خفض دعم المحروقات وفرض ضريبة القيمة المضافة.

ويشكل الوضع الاقتصادي في مصر أبرز التحديات التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية التي ينتظر أن يعاد انتخابه خلالها لولاية ثانية، وترى شريحة واسعة من المصريين أن الإجراءات الإصلاحية التي وعدت بها الحكومة لتحسين الأوضاع لم تؤت ثمارها.

وقدم السيسي يناير الماضي ما أسماه بـ"كشف حساب"، عما تم إنجازه في فترته الرئاسية الأولى، واصفا ما تحقق على صعيد الاقتصاد بـ"الطفرة غير المسبوقة".

ورغم إعلان صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن نظرته المستقبلية للاقتصاد المصري "ايجابية"، بعد استكماله المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح، فإن ذلك لا يقنع محمود الذي لم ير أن وضعه الشخصي تحسن.

ويقول محمود: "لقد كنت أنفق نحو 3000 جنيه في الشهر حتى أكفي مصروف بيتي واولادي، واليوم 12 ألفا لا تكفيني ولا تشمل التنزه أو مصروفات الأدوية حال حدوث شيء"، مضيفا: "القيادة السياسية للدولة تعمل بشكل صحيح وأنجزت الكثير من المشروعات العملاقة، وأنا أدعم السيسي قلباً وقالباً، لكن أين عائد ذلك عليّ في الوقت الحالي؟".