كيف انقلب الاقتصاد الأميركي على أنماطه التاريخية وعكس تأثير النفط؟

نشر في 02-03-2018
آخر تحديث 02-03-2018 | 00:00
No Image Caption
كان تأثير أسعار النفط على الاقتصاد الأميركي واضحاً على الدوام، فكلما ارتفعت كان الأثر أسوأ، لكن في الفترة بين عام 2014 وأوائل 2016 التي شهدت انهيار الأسعار، تباطأ النمو بشكل حاد ثم عاود التسارع مع تعافي النفط.

وبحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال"، يرجع هذا التحول إلى صعود الولايات المتحدة كمنتج رئيسي للنفط، وقريبًا كمصدر صاف للطاقة، فرغم أن ارتفاع تكلفة الخام تثقل كاهل المستهلك النهائي، لكن زيادة الاستثمار والإنتاج وفرص العمل تعوض هذا العبء.

لم تكن الزيادة التي شهدها إنتاج النفط الأميركي، بفضل طفرة الأعمال الصخرية، بسيطة على الإطلاق، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة ارتفاع الإمدادات اليومية التي بلغت بالفعل أعلى مستوى منذ عام 1972، إلى 10.6 ملايين برميل، وهو رقم قياسي.

فيما تتوقع شركة "بي بي" أن يشكل الإنتاج الأميركي 18 في المئة من إمدادات العالم النفطية والسوائل ذات الصلة، في غضون ما يزيد قليلًا على عقدين من الزمان، لتتجاوز السعودية التي ستتحكم في 13 في المئة من المعروض العالمي.

كنوز النفط الصخري

- تآكل العجز الأميركي في الخام والمنتجات المكررة من 12 مليون برميل يومياً عام 2007 إلى أربعة ملايين برميل فقط خلال العام الماضي، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن تصبح البلاد مصدراً صافياً للنفط بحلول 2029.

- تمتلك الولايات المتحدة احتياطيات وفيرة من التشكيلات الصخرية، التي لم يكن من المربح استخلاص النفط منها حتى بدأ الاعتماد على تقنيات المسح الزلزالي، والتكسير الهيدروليكي، والحفر الأفقي، والآن تشكل نصف إنتاج أميركا من الخام.

- إن حصة النفط من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي البالغة 2.7 في المئة، هي أعلى هامشياً من مستواه المتوسط في ثلاثة عقود، لكن لا تقارن بأي حال مع النسب المسجلة في البلدان النفطية الحقيقية مثل السعودية وروسيا.

- مع ذلك لعب النفط دوراً مهماً في تقلبات النمو الاقتصادي من عام إلى آخر، لأن شركات النفط الصخري التي لا تضطر إلى قضاء سنوات في البحث عن احتياطيات جديدة، تستجيب بسرعة لتغيرات السوق.

- أظهرت دراسة لـ"ريتشارد نيويل" و"بريان بيرست"، أن إنتاج النفط الصخري يرتفع تسع مرات أسرع من نظيره التقليدي لسببين، أولهما حفر المزيد من الآبار، وزيادة إنتاجيتها بشكل كبير (يدفعها ذلك للنضوب سريعاً أيضاً).

أثر كبير على الاقتصاد الأميركي

- يقول مصرف "يو.بي.إس" إن انهيار أسعار النفط واستثمارات الطاقة محا نقطة مئوية من نمو الاقتصاد الأميركي خلال 2015، ونصف نقطة خلال العام التالي، فيما أضاف تعافي الأسعار 0.6 في المئة لمعدل النمو البالغ 2.5 في المئة في 2017.

- يتناقض هذا الأداء مع الأنماط التاريخية للاقتصاد الأميركي، فعندما انخفضت أسعار النفط عام 1998 مع الأزمة المالية الآسيوية، عزز ذلك معدل النمو، وعندما قفزت في 2008 بالتزامن مع أزمة الرهن العقاري، ازداد الوضع سوءاً.

- انخفضت طلبيات المنتجات ذات الصلة بالسلع الأساسية، مثل المنتجات المعدنية المصنعة، وآلات البناء، والشاحنات الثقيلة، بنسبة 12 في المئة بحلول نهاية عام 2015، عندما اقتربت أسعار النفط من أدنى مستوياتها، ثم انتعشت نهاية 2017 بنسبة 9 في المئة.

- استفاد أيضاً المصنعون الأميركيون على الصعيد المحلي والإقليمي من تعافي النفط، ومنذ منتصف 2016 إلى منتصف 2017 تركز أكثر من نصف الوظائف المضافة إلى قطاع الصناعات التحويلية في تكساس، موطن الحوض البرمي الغني بالنفط.

- منذ منتصف العام الماضي بدأ هذا الأثر في الاعتدال، مع ذلك يتوقع "يو.بي.إس" إسهام استثمارات الطاقة بعُشر معدل النمو في أميركا هذا العام، التي تشير التقديرات إلى بلوغه 2.9 في المئة.

المخاوف قائمة

- كانت تحركات "أوبك" وروسيا لكبح الإنتاج (من المستبعد توقف هذه الجهود) بعد أسابيع من انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، مفيدا بشكل خاص للمنتجين الأميركيين الذين استفادوا من ارتفاع الأسعار، وتعزيز حصتهم السوقية.

- يعتمد منتجو النفط الصخري أيضا على أسواق الأسهم والسندات المتقلبة لتمويل العمليات وتعزيز وتيرة تحسين تقنيات الاستخراج، وأدى ارتفاع التقلبات في "وول ستريت" مؤخراً إلى تراجع أسعار النفط.

- يقول رئيس شركة "رابيدان إنرغي" لاستشارات الطاقة بوب ماكنالي، إن انهيار الأسعار الأخير كبح الاستثمارات العالمية للنفط، وضمن تواصل زيادة استهلاك البنزين في الولايات المتحدة، بخلاف توقعات إدارة معلومات الطاقة.

- مع تواصل النمو العالمي، سيكون المعروض النفطي غير كاف لتلبية الطلب المتزايد، وهو ما سيدفع أسعار الخام أعلى 100 دولار للبرميل، والبنزين إلى 4 دولارات للجالون في الولايات المتحدة، وفقًا لماكنالي.

- بشكل عام، لم يغير النفط طبيعته المسببة للآلم في الاقتصاد الأميركي عبر إثقال المستهلك بتكاليف أكبر، لكنه أصبح أحد عوامل القوة المهمة أيضا، والتي يصعب التنبؤ بأثرها على مدى السنوات القليلة القادمة على الأقل.

back to top