ذات يوم كانت هناك مدينة، قرّر أهلها أن تصير بيتاً، لأنهم أرادوا أن يصبحوا أخوة رغم خصام الدم... فحطموا حوائط بيوتهم وصنعوا أربعة حوائط هائلة لتصير المدينة كلها بيتهم. صاروا جميعاً أُسرة واحدة، أو هكذا اعتقدوا، لكنهم مع كل صباح كانوا يفقدون واحداً منهم، يغادر جثمانه البيت تاركاً مكانه بقعة من الدماء، لم يُعرف أبداً أي من سكان البيت الكبير كان القاتل، حتى تبقى اثنان، رجل وامرأة، لم يكن أحدهما بحاجة ليفكر أنه سيكون ضحية الآخر، لأن كلاً منهما كان يعرف، أنه هو القاتل»... بهذه المقدمة يفتتح القاص والروائي المصري طارق إمام، مجموعته القصصية الجديدة «مدينة الحوائط اللانهائية» الصادرة أخيراً عن «الدار المصرية اللبنانية».«مدينة الحوائط» مجموعة قصصية استثنائية، يمكن قراءتها كمجموعة قصص منفصلة، أو كعمل روائي، أو كمتتالية شعرية تنتمي إلى قصيدة النثر، وهي بحسب وصف عدد من النقاد «ألف ليلة وليلة» جديدة وعصرية.
المجموعة تضمّ أيضاً تجربة تشكيلية موازية للفنان السوداني صلاح المر، تشكل رؤية بصرية للنصوص عبر 36 لوحة رسمت خصيصاً لتكون جزءاً عضوياً من تجربة الكتاب، فيما صمّم الفنان التشكيلي عمرو الكفراوي الغلاف من خلال رسوم المُر مع الإشراف الفني على الكتاب.
توالد الحكايات
أكّد الروائي والقاص طارق إمام أن مجموعته القصصية: «تمثِّل طموحاً لكتاب قصصي قائم بالكامل على الحكاية الخرافية»، وتابع: «أردت تجريب هذا الشكل القصصي بطريقة جديدة، تجمع روح الحكي الشفاهي بالجذر التراثي بالقصة الحديثة في إطار شعري. لذا اشتغلت كثيراً حتى وصل الكتاب إلى صيغته النهائية التي تضمّ 36 نصاً».استلهم الكاتب، كما قال، بنية «ألف ليلة وليلة» في بنائه، حيث الحكاية الإطارية التي تتوالد منها بقية الحكايات، مبتعدةً عن المجموعات القصصية في شكلها التقليدي، إذ تتصل الحكايات كافة بمكان واحد، وتختفي شخصيات لتعود إلى الظهور. كذلك تولد حكايات من رحم حكايات أخرى على غرار الكتاب الأكبر «ألف ليلة وليلة»، لذلك بنيت فصلاً تأسيسياً إطارياً تتوالد منه الحكايات كافة.أعمال وجوائز
طارق إمام روائي وناقد مصري من مواليد 1977، أصدر تسعة كتب بين روايات ومجموعات قصصية، أبرزها «هدوء القتلة، والحياة الثانية لقسطنطين كفافيس، وضريح أبي، وحكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة مات فيها».يُعدُّه النقاد أحد أبرز المجددين في السرد المصري الحديث والأشد غراماً بالتجريب وابتكار أجواء عجائبية نادرة تتميز بها تجربته السردية، فضلاً عن كونه أكثر كُتَّاب جيله حصولاً على الجوائز، من بينها جائزة ساويرس مرتين، وجائزة وزارة الثقافة المصرية مرتين، وجائزة الدولة التشجيعية، وجائزة سعاد الصباح، وجائزة متحف الكلمة العالمية.