سعيا لإظهار نفسه كجبهة موحدة وتجاوز خلافاته الداخلية، عقد تحالف يمين الوسط واليمين المتطرف في إيطاليا الذي يتصدر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التشريعية بعد غد، اجتماعا موحداً هو الأول والأخير من نوعه أمس في روما.

ولم يسبق لرئيس الحكومة السابق سيلفيو برلوسكوني زعيم "فورزا إيطاليا" (الى الأمام إيطاليا) من يمين الوسط ورئيس "رابطة الشمال" اليمينية المتطرفة ماتيو سالفيني، وجورجيا ميلوني زعيمة حزب فراتيلي ديتاليا (إخوان ايطاليا) اليميني القومي المتشدد، أن ظهروا علنا معا طوال الحملة الانتخابية.

Ad

وإن كان هذا التحالف مازال يواجه تحديا مشتركا هو الحصول على غالبية مطلقة في مجلسي البرلمان، وهو ما يعتبر في غاية الصعوبة، نظرا إلى النظام الانتخابي الإيطالي الذي يمزج بين النسبية والغالبية، فهو يواجه كذلك عقبة أخرى هي التنافس بين الأحزاب الثلاثة.

ويسعى كل من "فورزا إيطاليا" و"الرابطة" اللذين يتصدران التحالف حسب استطلاعات الرأي، لتجاوز الآخر في نتائج الانتخابات، ليتمكن من الفوز برئاسة الحكومة، في حين يحاول حزب "فراتيلي ديتاليا" الذي يعتنق أفكارا قومية لا تجمع تأييدا واسعا تثبيت موقعه في صفوف التيارات المعادية لأوروبا وللهجرة.

ومنذ بدء الحملة، كشف هذا التحالف الموضوعي عن شقاقات داخلية بين خط برلوسكوني الأكثر اعتدالا وتأييدا لأوروبا، وسياسة سالفيني وميلوني الأكثر ميلا إلى اليمين ومعارضة الاتحاد الأوروبي وأيضاً هناك خلاف حول العلاقات مع حركة الفاشيين الجدد (كاسا باوند) التي أيدت تشكيل حكومة بقيادة سالفيني.

وتؤيد الأحزاب الثلاثة فرض ضريبة ثابتة على العائدات، ووقف حركة وصول المهاجرين وإبعاد مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين وإصلاح نظام التقاعد.

وفي وقت أظهر القادة الثلاثة جبهة موحدة، عرضت "حركة خمس نجوم" الشعبوية التي يتزعمها السياسي لويجي دي مايو (31 عاما) فريقها الحكومي الذي تعتزم تشكيله في حال فوزها بالانتخابات في خطوة غير معهودة بإيطاليا.

ورغم صورته السابقة بأنه "مهرج" وفضائح الجنس والفساد التي لا تحصى، يطرح برلسكوني (81 عاما) نفسه كمحافظ رصين واقتصادي معتدل في مقابل "حركة خمس نجوم" التي لا يمكن التنبؤ بتوجهاتها.

وكتب برلسكوني في تغريدة قبل أيام: "إذا ما فازت حركة خمس نجوم، فإن رؤوس الأموال والشركات وجميع المواطنين الذين لديهم قدرة مالية سيغادرون إيطاليا. وستنتهي الحال بنا كدولة معزولة دولياً مع حكومة من الهواة الذين ليس لديهم أي خلفية في السياسة والحياة".

وأشار آخر استطلاعات الرأي إلى أن "حركة خمس نجوم" هي الحزب الوحيد الأكثر شعبية بما يقرب من 30 في المئة من دعم الناخبين، إلا أن تحالف برلوسكوني يقترب من 40 في المئة ومن تحقيق الغالبية البرلمانية.

وفي أنشطة الحملة الانتخابية، قدم برلسكوني نفسه على أنه المرشح الإيطالي "الأكثر موالاة لأوروبا"، بينما وصف "حزب خمس نجوم" بأنه "طائفة خطيرة".

من الناحية النظرية، فإن يسار الوسط هو المنافس الأكثر موالاة للاتحاد الأوروبي في الانتخابات الإيطالية. إلا أن الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي يترنح في استطلاعات الرأي، مما يجعل تحالف برلوسكوني الخيار الأفضل التالي من وجهة نظر بروكسل.

ووفقا لدانيال غروس، الخبير الاقتصادي الألماني ورئيس "مركز دراسات السياسات الأوروبية" البحثي، فإن المؤسسة الأوروبية تنظر إلى دعم برلوسكوني من منطلق "شيطان تعرفه خير من شيطان لا تعرفه".

وأعلنت حركة "خمس نجوم" ترشيح أستاذ الاقتصاد أندريا روفنتيني، الذي يعتبر من أفضل 10 في المئة من الاقتصاديين في العالم، ليكون وزيراً للاقتصاد.

ويصف روفنتيني نفسه بأنه "لا يؤمن بنظرية كينز" التي تركز على دور كل من القطاعين العام والخاص في الاقتصاد، أي الاقتصاد المختلط، ما يعني تدخل الدولة في بعض المجالات.