حصلت على أول لمحة عن أحدث منتجات شركة أبل عندما كانت الشمس تشرق، وكان ذلك بعد السابعة من صباح يوم أربعاء، في شهر يناير الماضي، وبعد يومين من انتقال مديري الشركة التنفيذيين، بمن فيهم الرئيس التنفيذي تيم كوك، الى مقرها الذي يشبه سفينة فضاء في أبل بارك في كيوبرتينو. وخلال مرافقتي عبر المبنى خطر لي أنه يجسد كل ما تمثله منتجات أبل: لمحة عن المستقبل، وهو مألوف أيضاً، وليس خيالاً علمياً، بل رؤية ملموسة تحولت الى حقيقة.وعندما جلست مع كوك، بعد لحظات، تحدث عن أهمية اللمسة "الإنسانية" في منتجات شركة أبل، وكيف أن المواصفات الفنية وتقدم السيلكون ينطويان على أهمية فقط، اذا تمكنا من تحسين حياة البشر.
كانت "أبل" منذ زمن بعيد أيقونة ابتكار. وفي عصر التغير السريع كان اللافت استمرار قوة تلك الشركة. وفي هذه السنة تعود الى المركز الأول في قائمة تصنيفنا السنوي لأكثر الشركات ابتكاراً. وكانت الشركة الوحيدة التي نجحت في معيار محررينا في القائمة في كل سنة منذ عام 2008. وهذا لا يعني أنها لم تصادف عقبات على الطريق، وفي حقيقة الأمر فإن كوك كان صريحاً تماماً عندما قال إن الابداع يندر أن يمضي في خط مستقيم. وفي حين يطمح الكثير من المؤسسات الى تقليد نظام أبل، فإن قابلية التكيف فيها هي التي تميزها حقاً. وتجمع ثقافة "أبل" بين الجهد الكثيف والمقاييس العالية والرغبة في رسم مسارات جديدة، حتى وإن كانت تلك المسارات تهدد منتجاتها الحالية. ومن غيرها سوف يتخلص من سواقات الدسك التي كانت أساسية للحواسيب الشخصية؟ أو السماعات؟ أو زر الهاتف الخلوي كما فعلت أبل في آي فون إكس؟تعج تغطية أكثر الشركات ابتكاراً لهذه السنة بأمثلة ملهمة من الابداع والانضباط والتغير الايجابي. وهي نسختنا الأكثر قوة على الاطلاق، بما في ذلك أعلى 10 قوائم في 36 فئة صدرت عن بحث شمل الآلاف من الشركات من شتى أنحاء العالم. وفيما يلي 13 نصيحة مفيدة استخلصتها من هذه المعلومات، ويمكن اعتبارها بمثابة خريطة طريق للسنة الجارية في عالم اقتصاد الإبداع المتطور بسرعة مذهلة في 2018:
1 – لا تنظر الى الأسفل
يقول كوك إن "أبل" لا يقلقها سعر سهمها في البورصة. وهي تركز على ما يسميه "ساعة الـ 90 يوماً" من تقارير الأرباح الفصلية عن الاستراتيجيات طويلة الأجل والاستثمارات التي تمثل فعلياً مصدر نجاح "أبل". وبدلاً من ذلك، تتطلع الشركة دائماً نحو المستقبل. وقد يبدو ذلك مفاجئاً في ضوء الضغوط المدوية لأسواق اليوم وتاريخ أبل المتواصل في طرح منتجات سنوية على الأقل. ويقول كوك إن المواعيد النهائية هي التي تهم. وثمة توازن بين السرعة والحاجة والرغبة في التحسين المتواصل وبين الانتظار من أجل التوصل الى تصميم للمنتج لا يعجز عن تلبية المقاييس ذاتية التحديد للتميز والتقدم.2 – ولكن انتبه لخطواتك
كان اللافت في قائمة هذه السنة غياب عمالقة أبل في التقنية ألفابت وفيسبوك. ويرجع ذلك الى أنهما – وبطرق مختلفة – تعرضتا لهبوط سريع وتعثر في هذه السنة. ولا تقول الشركتان أنهما من مؤيدي الأخبار الزائفة أو التحيز ومحتوى نشر الكراهية، ومع ذلك لم تفعلا ما يكفي لحماية نفسيهما أو مستخدميهما. وشركات اليوم لا تستطيع الاختباء من عواقب تصرفاتها، حتى وإن كانت غير مقصودة: "نحن نعلم ان اصلاح المشكلة بعد وقوعها، كما علمتنا تجارب الحياة، يمكن أن ينطوي على تكلفة كبيرة".3 – المسؤولية في المرآة
يمكن لأي شركة أن تصبح منصة للتأثير الثقافي، وليس من خلال برامج مسؤولية اجتماعية مؤسساتية فحسب. فقد حصلت باتاغونيا على سنة استثنائية – من الوجهة المالية وعالم الرأي العام – لأنها توجهت نحو الأنشطة البيئية. وتقول الرئيسة التنفيذية للشركة روز ماركاريو إن "القيام بعمل جيد لكوكب الأرض يفتح لنا أسواقاً جديدة ويحقق المزيد من المال". وكانت ماركاريو قد استثمرت في عمليات إعادة تدوير جديدة، في حين تحدت عدة سياسات حكومية.4 – الشفافية ليست عملا خارقا
لماذا تعلن شركة ما عن هامش أرباحها من كل سلعة تبيعها؟ لأن شركة مثل ايفرلين المبدعة في الملبوسات ليست محرجة ازاء ما يكتشفه المستهلكون، فذلك بدوره يضع ضغوطاً على الآخرين ليصبحوا أكثر انفتاحاً. أما شركة براندلس Brandless فتجنبت خداع المشترين من خلال قصص معلبة عن جودة سلعها الاستهلاكية، لمصلحة صنع منتجات متميزة وبسيطة تباع بأسعار تقل عن منافسيها.5 – التنوع يخلق الفرص
عززت "مارفل استديوز Marvel Studios" مركزها الريادي من خلال الرهان على نوع جديد من الأبطال. وجعلت "نتفلكس Netflix" من أولوياتها جذب أطفال بانكوك، في حين استهدفت سيفورا منتجات أوسع للبشرة بما في ذلك عقدها لشراكة مع ماركة فنتي بيوتي الجديدة من ريهانا.6 – الزخم قوة
"أبل" ليست الشركة الوحيدة من بين عمالقة التقنية التي تتحرك بقوة. فقد أثبتت أمازون أن الضخامة لا تعني بطء الحركة، وذلك من خلال دمجها الخاطف لمتاجر هول فودز، ثم اطلاقها لأجهزة ايكو المتطورة. كما نجحت شركة تنسنت Tencent الصينية المهيمنة على المحادثة ووسائل التواصل وأنشطة التمويل وغير ذلك، نمواً في ايراداتها بلغت نسبته 59 في المئة.7 – التفرد ما زال متاحاً
"سبوتيفاي Spotify" المتخصصة في الموسيقى أبعدت شركات منافسة بحجم "أبل"، وحققت زيادة في الإيرادات بلغت 52 في المئة ولديها أكثر من 140 مليون مستخدم نشط على المستوى العالمي. أما "د.جي.آي DJI"، فحولت صناعة الطائرات المسيرة (درون) الى عمل فني متميز، بينما تمكنت مجموعة كومباس من تحقيق قفزة في مجال خدمات الغذاء مكنتنا من تناول طعام أفضل.8 – المتوقع قد يكون غير متوقع
أعادت "شوغرفينا Sugarfina" تعريف فكرة متجر الحلوى، فيما أحدثت داياموند فاوندري هزة في عالم المجوهرات من خلال توجهها الى الماس المصطنع. وتحدت ويز Waze حتى زحمة المرور في الشوارع.9 – علم المعلومات متاح للجميع
شركات التقنية والرياضيات ليست الوحيدة التي تطرح المعلومات بطرق جديدة. فها هي "روفر Rover" تعد مطابقات أفضل لرعاية الحيوانات الأليفة، بينما تقدم "كافا Cava" فعالية ومتعة جديدة في أعمال المطاعم، كما تنقل "سيابس" علاج السرطان الى المستوى التالي، وهو التخلص منه.10 – الذكاء الاصطناعي في كل مجال
الآلات لم تتمكن من التحكم بالإنسان، بل مكنته من اكتشاف أنشطة جديدة من البحث البصري في بينترست الى قوائم العمل المحسنة عبر تكستيو الى تخطيط السفر في الوقت الحقيقي عبر هوبر. وحتى السباكون ومتعهدو وجبات الطعام والحلاقون بات بإمكانهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من خلال حساب مطابقة العميل والوظيفة في ثامبتاك.11 – الجوال لا يزال يتوسع
الهواتف الذكية أداة أساسية في تطور التقنية العلاجية لدى "ألايف كور". وهي مركز ازدهار للدفعات النقدية الأقل من "بيتم" في الهند الى سكوير للأعمال الصغيرة. وتضاعف "ان بي ايه NBA" أيضاً مشاركتها عبر عملية "في جيبك".12 - المال يتحدث
النقود تغذي العمل. وهذا ما يجعل موجة الجهود الجديدة لإصلاح نماذج التمويل المتعثرة واعدة جداً. بينما تستهدف "سوشيال كابيتال" رأسمال المشاريع، تسعى مؤسسة فورد الى التبرع الخيري، ويوفر القائمون على "غيف دايركتلي GiveDirectly" ملايين الدولارات الى المعوزين.13 – حافظ على الثقة
يبدو أن "نينتندو" تخسر حرب الألعاب الى أن تعيد سويتش احياء العاطفة. وتتعرض شركة 23andMe لحملة من جانب ادارة الغذاء والعقاقير، ولكنها تستعيد زخمها الآن في الاختبارات الجينية. والخلاصة أننا معرضون جميعا للمرور بأيام حلوة وأخرى مرة ولحظات من الاحباط واليأس، ولكن ما يمكن منظمات الابداع –وقادتها– من المضي قدما الى الأمام هو الأمل بغد حافل بانجازات واعدة.