أحيت الفنانة المصرية إيمان عبدالغني حفلا غنائيا استثنائيا بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، حيث يتجدد الموعد في الخميس الأول من كل شهر، مع باقة مختارة من أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم، بأصوات نخبة من فنانات دار الأوبرا من جمهورية مصر العربية، بقيادة المايسترو د. عماد عاشور، وفرقة عربية كلاسيكية مكوَّنة من 20 عازفاً.وضربت عبدالغني صوليست فرقة الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، صوليست فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، موعداً مع الإبداع مساء أمس الأول، عندما قدمت 5 من أفضل أعمال كوكب الشرق بقاعة الشيخ جابر العلي الصباح الموسيقية، وأمام حضور جماهيري كبير زحف يمني النفس بواحدة من سهرات أم كلثوم، عندما كان الجمهور يقصد مسرح سينما قصر النيل بوسط القاهرة، بينما شوارع العاصمة المصرية شبه خالية، والجميع يترقب إطلالة الست، وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث في تمام الثامنة لف الظلام قاعة الموسيقى إلا من إضاءة خافتة على المسرح، وصعد أعضاء الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عاشور، ومن ثم لحقت بهم الفنانة المصرية إيمان لتبدأ حفلها الذي امتد ساعتين، تخلله فاصل قصير، منتقية بذكاء 5 أغنيات من أرشيف كوكب الشرق، فمزجت بين أعمال من محطات مختلفة من مسيرة أم كلثوم.
حالة خاصة
تتمتع إيمان بصوت رخيم وإطلالة مميزة هادئة، وحضور يجذب الجمهور، هذه الصفات جعلت منها حالة خاصة في تلك المنطقة الصعبة من الغناء، وقلما يتميز فيها فنان، فإحياء تراث عمالقة الطرب يحتاج إلى فنان بمقومات خاصة، وهو ما تحقق في الفنانة المصرية التي عبرت عن سعادتها بالغناء في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، مؤكدة أن الجمهور الكويتي يتميز بذائقة موسيقية راقية.واختارت المطربة المصرية أن تبدأ وصلتها بأغنية «غني لي» مقام «رست» من كلمات الشاعر بيرم التونسي، وألحان زكريا أحمد، وقدمتها كوكب الشرق في أربعينيات القرن الماضي، ورغم أنها من أوائل أعمال أم كلثوم فإن الجمهور مازال يحفظها عن ظهر قلب، وهذا ما بدا عندما بدأت إيمان الغناء، فسبقها البعض بترديد بعض الكلمات.أما الاختيار الثاني للفنانة الشابة فكان أغنية «هو صحيح الهوى غلاب» مقام «صبا»، وكتب كلماتها بيرم التونسي، ومن ألحان زكريا أحمد عام 1960، حيث صالت وجالت إيمان بصوتها الأخاذ على وقع أنغام الفرقة الموسيقية، فكانت تتبع بانسجام إشارات المايسترو عاشور، لتقف عدة ثوان قبل أن تمضي، ومن ثم تكرر أحد المقاطع لتحلق بالجمهور في سماء الإبداع.عصي الدمع
وتمضي إيمان في حفلها مدفوعة بحماس استمدته من تفاعل الجمهور وتحيتهم لها بعد كل أغنية، فتشدو بـ«أراك عصي الدمع» مقام «عجم»، وهي واحدة من أصعب الأغنيات، وتحتاج إلى مطرب متمكن من أدواته، فكانت على قدر التحدي، واستطاعت أن تؤدي الأغنية بتمكن، وهي من كلمات أبوفراس الحمداني، ومن ألحان رياض السنباطي، وشدت بها أم كلثوم للمرة الأولى عام 1965، وسبق أن قدمتها كوكب الشرق بلحنين مختلفين أحدهما لعبده الحامولي، والآخر لزكريا أحمد، على فترات زمنية متباعدة.وفي الجزء الثاني من الحفل عادت إيمان لتكمل مشوار الإبداع، فتشدو بـ«للصبر حدود» من كلمات عبدالوهاب محمد، وألحان محمد الموجي، وهذه الأغنية مقام «رست»، وظهرت للنور عام 1964، ورغم طول مدة الحفل غير أن الجمهور الذي حضر في الموعد المحدد استمر على الوتيرة نفسها من الحماس يتسابق للمشاركة في الغناء تارة، وتعلو صيحات الإعجاب تارة أخرى، وكان مسك ختام الحفل على وقع أنغام «الأطلال»، التي أبدعت فيها إيمان طرباً، وهي للشاعر الطبيب إبراهيم ناجي، وأنشدت أم كلثوم بعض أبياتها مضافا إليها عدة أبيات اختارتها من قصيدة (الوداع) لناجي، وحملت الأغنية اسم الأطلال، وكانت من ألحان الموسيقار رياض السنباطي، وغنتها لأول مرة عام 1965 بعد وفاة شاعرها بـ13 عاما، ويعتبرها الكثيرون أجمل ما غنت أم كلثوم.وودعت إيمان الجمهور بعد أن تركت انطباعا إيجابيا في الأنفس، وذكرى ستبقى عالقة في الأذهان لحفل ارتبط بأجمل من غنت كوكب الشرق أم كلثوم.يذكر أن إيمان عبدالغني حاصلة على جائزة «أحسن صوت» في مهرجان الموسيقى العربية عام 2017، وشاركت في عدة مهرجانات بالبلدان العربية والغربية، وجسدت البطولة الصوتية لمسلسل «قلبي دليلي» عن قصة حياة الراحلة ليلى مراد.