التعليم أيضاً مقاومة
أكثر ما يقلقنا في هذه الأيام الحديث المتكرر حول تراجع نوعية التعليم، وكيفية ضمان أن يكون التعليم وخصوصا الجامعي نوعيا لا مجرد عملية تراكم كمي، فهناك ظاهرة عالمية لا تقتصر على فلسطين وهي أن تجعل الجامعات الهمّ الرئيس منصبا على تأمين الموارد وبالتالي رفع أعداد الطلبة فيها على حساب النوعية.
![مصطفى البرغوثي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1564897822016822100/1564897879000/1280x960.jpg)
وينشأ هنا سؤال مشروع حول مدى ملاءمة الكليات وفروع التعليم الجامعي الجديدة التي يجري إنشاؤها لفرص العمل، حتى لا يتحول التعليم إلى جسر نحو البطالة، وما يقلقنا أكثر أن التحسن النوعي في سياسة وصياغة أساليب التدريس المدرسي والجامعي بالتركيز على البحث العلمي والأبحاث كمتطلب للنجاح، يترافق مع انتشار ظاهرة خطيرة اسمها دكاكين البحث، التي تبيع الأبحاث جاهزة للطلاب، ليقوموا بتقديمها لأساتذتهم ومعلماتهم.وذلك أمر خطير ليس لأنه يعزز في المجتمع قيما خطيرة ومفسدة فقط، بل لأنه يحول التعليم من وسيلة لبناء إنسان مبدع ومقاوم إلى وسيلة لخلق مخادعين لا يثقون بأنفسهم، ويبحثون عن أسرع الوسائل للكسب السريع دون اعتبار لمصالح الآخرين أو مصالح وطنهم. فشراء البحث العلمي هو شكل من أشكال الفساد، وتقديمه كإنجاز مزيف يعزز قيم الخداع والغش، كما يشجع مرتكبيه على أن يكونوا كسالى وغير مبدعين وباحثين عن الإنجاز بأقصر وأدنى الطرق، على حساب زملائهم الذين يتعبون في إنجاز عملهم. إجراء البحث العلمي يعلم الطالب أن يحترم نفسه، وأن يحترم جهود الآخرين، ويشجعه على تبني مفهوم الإتقان والإخلاص في العمل، وهو أمر نحتاجه كثيرا إن أردنا أن نحقق الحرية لشعبنا، وأن نبني له وطنا، ولأبنائه مستقبلا. سرقة الأبحاث ونسخها أمر خطير يجب أن تتصدى له المؤسسة التعليمية بكل قوة، فمن يسرق بحثا يمكن أن يسرق عمل الآخرين في المستقبل، بل أن يسرق مقدرات بلده إن كان في موقع مسؤول. التعليم هو شكل من أشكال المقاومة والصمود فعلا، شريطة أن يكون نوعيا وصادقا، ومنتجا لجيل صادق وقادر. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية