الحكومة تواصل التضييق على القضاء
● «الأعلى للقضاء» رفض مشروعها المقيد لـ «الدستورية» لمخالفته القانون
● المقترح الحكومي يسمح بتعيين أعضاء في المحكمة من خارج الجسم القضائي
رداً على مشروع عرضته الحكومة عليه، لتعديل القانون الحالي للمحكمة الدستورية، أكد المجلس الأعلى للقضاء رفضه هذا القانون لمخالفته الدستور، فضلاً عن عدم ملاءمته للنظام المعمول به في الكويت.
بعد انتهاء اللجنة القانونية في مجلس الوزراء من صياغة الشكل النهائي لمشروع قانون يستهدف التضييق على عمل المحكمة الدستورية، تضع الحكومة لمساتها الأخيرة على هذا المشروع تمهيداً لتقديمه إلى مجلس الأمة. وعلمت «الجريدة»، من مصادرها، أن الحكومة أرسلت مؤخراً إلى المجلس الأعلى للقضاء مشروعاً بتعديل القانون الحالي لـ«الدستورية» لإبداء رأيه فيه، لكنه رفضه لما يشوبه من مخالفات دستورية وقانونية، وأبرزها تحديده مدة أعضاء المحكمة بأربع سنوات فقط، مع التجديد لهم فترة واحدة بموافقة الحكومة، فضلاً عن استعانته بتجارب دول يختلف نظامها الدستوري والقضائي عن المعمول به في الكويت.وقالت المصادر إن هذا المشروع قرر تعيين ثلاثة أعضاء في «الدستورية» من خارج الجسم القضائي، بحيث يختارون من الوزراء أو النواب السابقين أو أساتذة القانون، أو أعضاء إدارة الفتوى والتشريع أو محامي القطاع الخاص، مؤكدة أن ذلك يتنافى مع طبيعة العمل القضائي.
ويرى مراقبون دستوريون أن هذا المشروع الحكومي سيضع أعضاء المحكمة الدستورية تحت ترهيب عدم التجديد لهم عند فصلهم في الدعاوى، خصوصاً إذا اختلفت قناعاتهم مع رغبات الحكومة التي سيكون لها وحدها حق التجديد لهم، وهو الأمر الذي أشار إليه المكتب الفني بوزارة العدل في مذكرة رفعتها إلى الحكومة بأن تحديد مدة العضوية سيكون سلاحاً ضد أعضاء المحكمة. ويضيف المراقبون أن سماح المشروع بتعيين السياسيين، من وزراء أو نواب سابقين، في عضوية المحكمة، بواقع ثلاثة أعضاء من عشرة، سيعرض مداولات الطعون أو الطلبات المعروضة، للإفشاء رغم وجوب سريتها، لاسيما أن تعيين هؤلاء السياسيين سيكون بيد الحكومة، وهو ما يخالف مبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور.ولفتوا إلى أن المشروع الجديد يخلو من الإشارة إلى اقتصار تشكيل المحكمة على المواطنين فقط، بعكس القانون الحالي، مشيرين إلى عدم تحديده الأعضاء الاحتياطيين، هل سيكونون ممن تعينهم الحكومة أو من القضاة المعينين من مجلس القضاء؟ فضلاً عن عدم نصه على العضو الذي سيتولى رئاسة «الدستورية»، هل سيكون من القضاة أو من السياسيين الذين ستأتي بهم الحكومة؟!وبينوا أن مشروع القانون يشير إلى إنشاء هيئة مفوضين لـ «الدستورية»، رغم أن عملها ينحصر في تحضير الطعون، وهو أمر تقوم به غرفة المشورة بالمحكمة، إلى جانب أن وجودها قد يؤخر الفصل في الدعاوى لاشتراط هذا المشروع إعداد الهيئة الرأي القانوني أولاً، مبينين أن سماح المشروع بتعيين أعضاء من خارج الجسم القضائي في تلك الهيئة، كأعضاء الفتوى والتشريع وأساتذة كلية الحقوق ومحامي القطاع الخاص، سيؤثر على الآراء التي تقدمها الهيئة للمحكمة، لاسيما أنها تجربة مقتبسة من دول يختلف نظامها القانوني عن نظيره الكويتي.ويعرف المشروع الحكومي المحكمة الدستورية بأنها «هيئة قضائية مستقلة لها جمعية عمومية تضع لائحتها، ولها ميزانية مالية، ورئيسها عضو في المجلس الأعلى للقضاء، وتختص بالفصل في تفسير نصوص الدستور والفصل في دستورية القوانين واللوائح والطعون في صحة عضوية أعضاء مجلسي الأمة والبلدي، وطلبات أعضاء المحكمة الدستورية، وأعضاء هيئة المفوضين الإدارية الخاصة بالمعاشات والرواتب والقرارات المرتبطة بها، والفصل في طلبات الرد التي تقام ضد أعضاء المحكمة».