صوت الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني بالموافقة على الدخول في ائتلاف مع المحافظين بزعامة المستشارة آنجيلا ميركل أمس، مما يمهد الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة في أكبر اقتصاد في أوروبا وإنهاء حالة من عدم اليقين السياسي استمرت على مدى أشهر.

وذكر مسؤول في الحزب إن ثلثي أعضائه صوتوا «بنعم» لمصلحة الاتفاق، وهي نسبة أكبر مما توقع الكثيرون، مما يعني أن ميركل قد تؤدي اليمين لفترة رابعة بحلول منتصف مارس الجاري، في تكرار للاتئلاف الكبير الذي يحكم البلاد منذ 2013.

Ad

وتتراكم التحديات على ميركل، التي تواصل أداء دور المستشارة منذ خمسة أشهر عقب انتخابات غير حاسمة، مع تطلع أوروبا لقيادة أكبر دولها في التصدي لمجموعة من القضايا الاقتصادية والأمنية.

وقال القائم بأعمال الحزب الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز في مقر الحزب الرئيسي في برلين «الأغلبية العظمى من أعضاء الحزب قبلت اقتراح قيادته».

وأوضح، أن الاشتراكي الديمقراطي سيتقدم بثلاث نساء وثلاثة رجال لتولي الحقائب الوزارية الست المخصصة للحزب داخل الائتلاف الحكومي، مشيراً الى أن الحزب ينوي التمهل في الإعلان عن الشخصيات التي سيرشحها لتولي الحقائب المخصصة للحزب وذلك وفقاً لما كان مخططاً له من قبل فعلاً.

وأعلن شولتز أن وزراء حاليين سيكونون من بين الوزراء الاشتراكيين إضافة إلى شخصيات لم تتول حقائب وزارية من قبل.

يشار إلى أن شولتز مرشح لتولي حقيبة المالية إضافة إلى منصب نائب المستشارة.

وهنأت ميركل الديمقراطيين الاشتراكيين على حساب حزبها على «تويتر» قائلة: «أتطلع إلى العمل مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي مجدداً من أجل صالح بلادنا».

ووضع تصويت الحزب الديمقراطي الاشتراكي قيادة الحزب المنتمي لتيار يسار الوسط في مواجهة جناح الشباب المتشدد، الذي أراد أن يعيد الحزب بناء المعارضة بعد أداء كارثي في الانتخابات.

وقالت أندريا نالس، المرجح أن تكون الزعيمة المقبلة للحزب الديمقراطي الاشتراكي، لـ»رويترز»: «أنا سعيدة أن الأمور سارت على هذا النحو».

وتعني النتيجة أن «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف سيكون أكبر حزب معارض في البرلمان. ووصف الحزب في تغريدة قرار الحزب الديمقراطي الاشتراكي بأنه «كارثة» لألمانيا، متعهداً بمعارضة حادة خلال السنوات الأربع المقبلة.

لكن يبدو أن ولاية ميركل الرابعة، وعلى الأرجح الأخيرة برأي المراقبين، ستكون أكثر دقة بكثير من الولايات السابقة.

فالائتلاف بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين لا يملك سوى أغلبية ضئيلة في مجلس النواب (53.5 في المئة) بعد الانتخابات العامة التي جرت في 24 سبتمبر وشهدت اختراقاً تاريخياً لليمين المتطرف وتراجع الأحزاب التقليدية وبينها الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي.

وفي ظل هذه الأوضاع وبعد أسابيع من المفاوضات الشاقة، وافق ناشطو الحزب الاشتراكي الديمقراطي بنسبة 66.02 في المئة على التمديد لـ «التحالف الكبير: المنتهية ولايته (يعرف بعبارة «غروكو» بالألمانية) خلال استفتاء داخلي شارك فيه نحو 78.4 في المئة من ناشطي الحزب البالغ عددهم الإجمالي 463 ألفاً، وفق النتائج الرسمية التي أعلنت أمس.

وتفاوضت قيادة الحزب في فبراير على اتفاق مع المستشارة، على أن يطرح الاتفاق على قاعدة أقدم أحزاب ألمانيا (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) للموافقة عليه وسط خلافات داخلية.

ومع الضوء الأخضر من قاعدة الحزب، ينتهي مأزق غير مسبوق واجهته البلاد خمسة أشهر بعد الانتخابات التشريعية، في وقت تحتاج أوروبا أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة متينة في ألمانيا وسط أزمة «بريكست» وصعود الحركات القومية.

لكن في مؤشر إلى الريبة المتبادلة بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين، فاوض الحزب الاشتراكي الديمقراطي على بند يجيز له الخروج من الائتلاف بعد سنتين.

وتواجه المستشارة البالغة من العمر 63 عاماً انتقادات لم تشهدها من قبل داخل حزبها، الذي تقوده منذ عقدين.

وتصاعدت هذه الانتقادات بعدما تخلت للحزب الاشتراكي الديمقراطي عن وزارة المالية التي تعتبر تقليدياً حصة المحافظين المتمسكين بشدة بسياسة تقشف مالي، واضطرت إلى تقديم هذا التنازل في سياق المفاوضات حول الإتفاق الحكومي. كما ندد عدد من مسؤولي الحزب المسيحي الديمقراطي علناً بالخط الوسطي، الذي تعتمده ميركل وسياستها السخية في مجال الهجرة، التي فتحت أبواب البلاد أمام أكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015.

ويعتبر منتقدوها أن هذه السياسة ساهمت في صعود اليمين المتطرف، مطالبين بانعطافة واضحة إلى اليمين.

ترحيب اقتصادي

وأشادت رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية إريك شفايتسر بقرار «الاشتراكي الديمقراطي». وقال: «بالنسبة للشركات الألمانية من الجيد أن يكتمل تشكيل الحكومة حالياً». ودعا شفايتسر لإعفاءات ضريبية ملموسة بالنسبة للشركات.

ترحيب أوروبي

وفي باريس، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقرار «الاشتراكي الديمقراطي»، معتبراً «أنه خبر سار لأوروبا»، في حين قال رئيس الوزراء البلجيكي تشارلز ميشيل: «إنني على قناعة بأن الحكومة الاتحادية يمكن أن تكون قوة دافعة للمشروع الأوروبي»، مشدداً بقوله: «ليس هناك وقت لفقده».