«التمييز»: لا يجوز للهيئة تقييم المعاقين المسجلين بقانون 96 بقواعد جديدة وفق التشريع الحالي
أكدت أن تصنيفهم تم وفقاً للقانون السابق وحرمانهم منه يخالف الدستور والمواثيق العالمية
حسمت محكمة التمييز الإدارية مسألة أحقية الهيئة العامة لشؤون الاعاقة بإعادة فحص المشمولين بقانون هيئة الاعاقة مجددا، رغم اعتبارهم، وفق قانون المجلس الأعلى للمعاقين، من ذوي الاعاقة، الا إذا ثبت وجود غش ممن حصل على مميزات المعاق.
أكدت محكمة التمييز في حيثيات حكمها الذي اصدرته برئاسة المستشار محمد الرفاعي، انه لا يجوز لهيئة الاعاقة إعادة تقييم اعاقة الخاضعين للقانون السابق وفقا لمعايير اتى بها التشريع الجديد، لأن ذلك ينطوي على اهدار مراكزهم القانونية المكتسبة، وحرمانهم مما استحدثته أحكام القانون الحالي من حقوق، تلبية لأحكام الدستور واتساقا مع ما أكدته المواثيق الدولية.وبينت أن القانون الجديد رقم 8 لسنة 2010 خلا من نص يتضمن اثرا رجعيا بإعمال أحكامه فيما يتعلق بوصف الاعاقة وتحديد نوعها ودرجتها على من كانوا مخاطبين بأحكام القانون السابق ممن اكتسبوا هذا الوصف.وتتحصل وقائع الطعن التي أقامها مواطن ضد هيئة الاعاقة وضد وكيل وزارة الداخلية بصفته ومدير إدارة الطب الشرعي بصفته، في مطالبة الطاعن بإلغاء القرار الصادر من الهيئة والذي يقيم إعاقته على أنها جسدية بسيطة ودائمة، وإعادة تقييمها بأنها «متوسطة ودائمة» منذ عام 2003، مع ما يترتب على ذلك من آثار، اخصها صرف ما له من مستحقات ومزايا وبدلات.
الإعاقة
وقال المواطن في دعواه إنه يعاني إعاقة حركية ومتوسطة منذ طفولته وصدرت له شهادة إعاقة عام 1999 وفقاً للقانون رقم 49 لسنة 1996، إلا أنه بصدور القانون رقم 8 لسنة 2010، تضاربت التقارير التابعة لهيئة الإعاقة، رغم أنه لم يطرأ على حالته أي تغير أو تحسن ما حدا به إلى إقامة هذه الدعوى.وقالت «التمييز»، في حيثيات حكمها، إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ خلص الحكم إلى صحة القرار الصادر من اللجنة الفنية التابعة للهيئة باعتبار اعاقته بسيطة ولا ينطبق عليها تعريف الشخص ذي الاعاقة وفقا للقانون (8) لسنة 2010 المشار إليه، وأن ما يعتبر إعاقة وفقا لنظام قانوني قد لا يعتبر كذلك وفقا لنظام آخر، لأن الحالة المرضية للشخص قد تشفى كليا أو جزئيا في ظل التقدم العلمي الطبي».وبينت أن إعاقة الطاعن حركية متوسطة ودائمة يعانيها منذ طفولته، ولم يطرأ عليها أي تحسن أو تغيير وصدرت له شهادة بإثبات اعاقته على هذا النحو في ظل القانون القديم رقم (49) لسنة 1996، فلا يجوز المساس بهذا الوضع الذي اكتسبه وتغيير درجة اعاقته، ويحق له الحصول على كل الحقوق والمزايا المنصوص عليها في القانون الجديد رقم (8) لسنة 2010، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تمييزه.وأضافت أن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة- أن الاصل أن أحكام القانون لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذه، ولا يترتب عليها أي اثر بالنسبة لما تم قبله من مراكز قانونية، سواء في نشأتها أو في إنتاجها لاثارها أو في انقضائها ما لم ينص على خلاف ذلك، الا أنه إذا استحدث القانون الجديد أحكاما متعلقة بالنظام العام فانها - دون حاجة إلى نص خاص - تحكم الاثار التي تترتب من وقت نفاذه ولو كانت ناشئة عن مراكز قانونية سابقة عليه وذلك طبقا للاثر الفوري لهذا التشريع.ولفتت إلى أن القواعد التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الافراد، ولازم ذلك أن تدل عبارة النص أو اشارته على أن القاعدة القانونية التي اوردها المشرع هي قاعدة امرة قصد بها تحقيق ما تقدم.التكافل والتضامن
وأضافت «التمييز» أن القانون رقم (8) لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي قضى في المادة (70) منه بإلغاء القانون رقم (49) لسنة 1996 بشأن رعاية المعاقين قد صدر -على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية- نفاذاً للمادتين العاشرة والحادية عشرة من الدستور، بما ألقته على عاتق الدولة من واجب رعاية النشء وكفالة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، وتوفير خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية، وانطلاقا من المفهوم الإسلامي القائم على التكافل والتضامن، واعتبار أن رعاية الأشخاص ذوي الاعاقة ليست منة أو شفقة انما واجب على المجتمع، والتزاما باتجاه الدولة نحو ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم المدنية والسياسية، وأنه ترسيخا لهذه الحقوق وتقنينها أدرجها المشرع بالقانون رقم (49) لسنة 1996 المشار اليه». وأضافت «ان هذا التدخل المحمود من المشرع لا يغني عن إعادة النظر في القانون كله، وإعادة صياغته في منظومة متكاملة تتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي في مجال تحقيق مزيد من الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن تمتعهم بالحقوق الأساسية التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية».ولفتت «التمييز» إلى أنه «يبين من ذلك أن المشرع «تغيا» بموجب القانون رقم (8) لسنة 2010 المشار إليه تحقيق مصلحة عامة اجتماعية تتمثل في قيام المجتمع بواجبه نحو هذه الفئة بمنحها المزيد من الحقوق المدنية والسياسية والرعاية، بما يتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي، ومن ثم فإنه يكون متعلقاً بالنظام العام وتسري نصوصه -وقد وردت بصيغة امرة تحقيقا لهذه المصلحة- على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في شأنها أو في إنتاجها لآثارها أو في انقضائها».حقوق مدنية
وتابعت «كما تسري على الآثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة التي نشأت تحت سلطان القانون القديم، بما مؤداه أن المركز القانوني للشخص المعاق، والذي اكتسبه في ظل العمل بأحكام القانون رقم (49) لسنة 1996 المشار إليه من حيث نوع الإعاقة ودرجتها يظل قائما ومنتجا لآثاره مادامت بقيت اعاقته ولم يطرأ عليها -نتيجة للتقدم الطبي- ما يزيلها أو يخفف درجتها بما يستوجب إلغاء أو انقاص الحقوق المترتبة عليها، ولا تسري عليه أحكام القانون رقم (8) لسنة 2010 المشار إليه الا فيما يتعلق بهذه الآثار من حقوق مدنية وسياسية، دون إعادة تقييم حالته من الناحية الطبية، وفقاً لمعايير أخرى مستحدثة، ومما يظاهر هذا النظر ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية -على ما سلف عرضه- من أن هذا القانون صدر لتحقيق مزيد من الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن تمتعهم بالحقوق الأساسية التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية». ولازم ذلك أن ما كان يحصل عليه هؤلاء من حقوق وفقا لأحكام القانون رقم (49) لسنة 1996 المشار إليه يظل قائما ومستمرا، مادام مركزهم القانوني استمر -بالمفهوم المحدد سلفا- قائما، بل يتمتعون بما قررته أحكام القانون رقم (8) لسنة 2010 المشار إليه من حقوق بالزيادة على ذلك -إعمالا للاثر الفوري المباشر لهذا القانون- تكون مقررة لإعاقتهم الثانية، ولا يجوز للهيئة المطعون ضدها إعادة تقييم إعاقتهم، وفقاً لمعايير أتى بها التشريع الجديد لما ينطوي عليه ذلك من إهدار لمراكزهم القانونية المكتسبة، بل حرمانهم مما استحدثته أحكام القانون الحالي من حقوق تلبية لأحكام الدستور، واتساقا مع ما أكدته المواثيق الدولية، لاسيما أن القانون رقم 8 لسنة 2010 قد خلا من نص يتضمن أثرا رجعيا بأعمال أحكامه فيما يتعلق بوصف الإعاقة، وتحديد نوعها ودرجتها على من كانوا مخاطبين بأحكام القانون السابق ممن اكتسبوا هذا الوصف، ولا تحمل صياغة المادة (70) من القانون ما يناقض هذا المنحى بنصها، على أن يلغى القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار إليه، وكل حكم يخالف أحكام هذا القانون، وتبقى كل القرارات الصادرة تنفيذاً له معمولا بها فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون إلى حين صدور اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذه.الكشف الطبي
وذكرت «يتضح بجلاء من صريح عبارة هذا النص أن ما قصد إليه بالقرارات الصادرة تنفيذا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 هي تلك القرارات التي تتضمن قواعد تنظيمية، ولا يمكن أن يندرج ضمنها القرارات الفردية الصادرة بشأن الأشخاص الذين انطبقت عليهم أحكامه، ولا يجوز القول بإلغائها استنادا إلى أي تفسير لهذا النص يناقض ذلك، لما ينطوي عليه من اهدار للمراكز القانونية المحمية على نحو ما سلف إيضاحه، فضلا عن مخالفته لصحيح تفسير نص المادة (70) المشار إليه وهو ما لا يجوز، وهذا كله ما لم يثبت أن اكتساب المركز القانوني قام على غش أو تدليس، فإنه يلزم حينئذ اهدار هذا المركز المخالف للقانون مخالفة جسيمة ولا تلحقه أي حصانة تعصمه من السحب أو الإلغاء، تطبيقاً للقاعدة المستقرة التي تقضي بأن الغش يفسد كل شيء، كما أن الهيئة لها في جميع الأحوال توقيع الكشف الطبي الدوري على المعاق للاستيثاق من استمرار إعاقته في ضوء ما يطرأ من تطور طبي قد يؤدي إلى زوال الإعاقة أو الحد منها».اهدار
وقالت «التمييز»: لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد صدرت له شهادة إثبات إعاقة من المجلس الأعلى لشؤون المعاقين بتاريخ 25/ 8/ 1999 تثبت أن لديه عجزا دائما سابقا على تاريخ 9/ 10/ 1996 وأنه يدخل تحت مظلة القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار إليه، كما صدرت له شهادة إثبات إعاقة أخرى بتاريخ 17/ 4/ 2011 تثبت أن إعاقته حركية متوسطة ودائمة منذ 2003، ومن ثم فإنه يكون قد نشأ له مركز قانوني في ظل أحكام القانون 49 لسنة 1996 لا يجوز إهداره، ويطبق القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار إليه منذ تاريخ العمل به على الآثار المترتبة على هذا المركز القانوني، وهي الحقوق التي قرر منها لمن هم في مثل إعاقته، دون أن يكون للهيئة المطعون ضدها إعادة تقييم إعاقته وفقا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2010، التي استحدثت تعريفا ومعايير أخرى لاعتبار الشخص معاقا، إلا أن تكون إعاقته قد زالت أو انخفضت درجتها بما يستوجب إلغاء أو إنقاص الحقوق المترتبة عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل بشأن الطاعن أحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 وما استحدثه من معايير، نافيا عنه وصف الاعاقة ورتب على ذلك قضاءه رفض دعواه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.مركز قانوني
وقالت المحكمة وحيث إنه عن موضوع الاستئناف رقم 2170 لسنة 2016 إداري/4، ولما تقدم وكان المستأنف عليه المذكور قد تحقق بشأنه وصف المعاق وفقا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار إليه بإعاقة حركية متوسطة ودائمة، وقد اكتسب بذلك مركزا قانونيا - من حيث نوع الإعاقة ودرجتها- لا يجوز إهداره بنفي هذه الصفة عنه وحرمانه من الحقوق التي تترتب على هذا الوصف كأثر مستقبلي لمركزه القانوني هذا، والتي تضمنتها أحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار إليه طالما لم تزايله هذه الإعاقة، وهو ما خلت الأوراق من دليل عليه، ولما كان القرار المطعون فيه قد أهدر هذا المركز القانوني واعتبر إعاقته بسيطة ودائمة، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه إلغاؤه وما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المستأنف هذا النظر، وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يتعين القضاء بتأييده.
القانون الحالي لم ينص على تطبيقه بأثر رجعي فيما يتعلق بوصف المعاق
إهدار المراكز القانونية فقط في حالة الغش والتدليس وللهيئة توقيع الكشف الدوري للاستيثاق من استمرار الإعاقة
إهدار المراكز القانونية فقط في حالة الغش والتدليس وللهيئة توقيع الكشف الدوري للاستيثاق من استمرار الإعاقة