قانون الضياع العام!
أصحاب الاقتراح بقانون بشأن العفو العام يفترض أن يكونوا على درجة من الوعي والحصافة السياسية بأن مبادرتهم ذات "الخصوصية المتعمدة" ستقود إلى طرح اقتراحات مثيلة ذات "خصوصية متعمدة" أيضاً؛ لتبدأ معهما معركة نيابية لا تنتج سوى "مغلوب ومغلوب"، وهذا ما حصل بالفعل.
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
والعتب هنا أشد على مقترحي هذا القانون ممن وصلوا إلى قبة البرلمان من رحم الحراك الشعبي بين عامي 2011-2012، بل كانوا من الأقلية في هذا الحراك الذي كان يسير عكس التيار في تغليب الطرح الوطني، وإيصال رسالة بأن جمهور المطالبين بالإصلاح السياسي ومحاربة المفسدين وتطبيق مبادئ العدالة يمثلون نبض المجتمع الكويتي بكل مكوناته، وبعيداً عن الحسابات والانتماءات القبلية أو المذهبية أو العرقية وحتى الأيديولوجية والفكرية، ولكن مع الأسف لم يواصلوا هذا الدرب، واقتراحهم لا يتجاوز كونه مطالبة بعفو خاص تم انتقاء المشمولين فيه بشكل مكشوف، ولم يرحموا بذلك مئات المعتقلين والملاحقين من النشطاء والمغردين الذين دفعوا ثمن تأييد ذلك الحراك بالكلمة والتغريدة وإبداء الرأي.أصحاب هذا المقترح يفترض أن يكونوا على درجة من الوعي والحصافة السياسية بأن مبادرتهم ذات "الخصوصية المتعمدة" ستقود إلى طرح اقتراحات مثيلة ذات "خصوصية متعمدة" أيضاً؛ لتبدأ معهما معركة نيابية لا تنتج سوى "مغلوب ومغلوب"، وهذا ما حصل بالفعل، حيث تم تقديم اقتراحات جديدة تحمل العفو العام في عناوينها ولكن محتواها لا يتعدى عفوا خاصا تم انتقاء المشمولين فيه وبشكل مكشوف أيضاً.بهذه العقلية السطحية سيسري هذا النفس الضيق والمكابرة على ما سيأتي من اقتراحات جديدة يزعم أصحابها أنها تهدف إلى كسر القيود على الحريات، واستعادة مفهوم الصحافة الحرة والفضائيات ذات الطرح الجريء، وإعادة الشجاعة المسؤولة لوسائل التواصل الاجتماعي، ومآلها وبحسب المشهد الحالي حتماً إلى الصفر، ليبقى السجناء في زنازينهم وتبقى الأفواه مكممة ويبقى الناس يأكل بعضهم بعضا ولكن باحتقان أكبر.لكن الحسرة الأكبر هي هذا المستوى من الضياع السياسي وفقدان الأمل يوماً بعد يوم في مستقبل أفضل يحمل الصفاء الوطني ورجوع ريادة الديمقراطية الكويتية وتاريخها الذي بات بعض نوابنا يمسح جزءا جديدا منه كل يوم!