وعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، بأن يكون صوت المانيا قوياً في أوروبا في مواجهة التحديات التي تواجه القارة القديمة، وذلك بعد شلل سياسي أصاب البلاد لستة أشهر قبل التوصل الى تشكيل ائتلاف حكومي.

وقالت ميركل غداة قرار الاشتراكيين الديمقراطيين الموافقة على تشكيل ائتلاف حكومي معها "بعد نحو ستة أشهر من الانتخابات" التشريعية التي جرت في الرابع والعشرين من سبتمبر، "بات يحق للناخبين أخيرا أن يتوقعوا حصول تحول ما".

Ad

وتابعت ميركل قبيل اجتماع لحزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي "نرى كل يوم أن أوروبا محط اهتمام، وبات من الضروري أن يكون صوت المانيا قويا الى جانب أصوات فرنسا وبقية الدول الأعضاء" في الاتحاد الأوروبي.

وأثناء انشغال الطبقة السياسية الألمانية بالمساعي لتشكيل الحكومة، تسلم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دفة قيادة الاتحاد الأوروبي، وهو اليوم ينتظر تشكيل حكومة ميركل للتفاوض معها حول خطة إصلاحات طموحة للتكتل الأوروبي، لمواجهة تنامي نفوذ الأحزاب القومية واليمينية المتطرفة.

وجاء التهديد القومي اليميني المتطرف الأحد من إيطاليا، حيث حققت القوى المناهضة للنظام واليمينية المتطرفة نتائج جيدة، مما سيعرقل تشكيل حكومة في روما. ودعت المانيا الى التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة ايطالية سريعا "لما فيه خير إيطاليا وأوروبا".

ومن بين التحديات الأوروبية الأخرى، تطرقت ميركل الى التجارة الدولية مع تهديد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة رفع الحواجز الجمركية. واتهم المتحدث باسم ميركل واشنطن بـ "سلوك الطريق الخطأ عبر الانطواء على النفس".

كما تطرقت ميركل الى النزاع في سورية، حيث لايزال صوت الاتحاد الأوروبي بشأنه خافتا، رغم موجات الهجرة التي تسبب بها الى دول الاتحاد.

وقدمت ميركل رسميا، أمس، ترشحها لولاية رابعة كمستشارة الى مجلس النواب، على أن يتم التصويت عليه في الرابع عشر من مارس.

وأسفرت الاتنخابات التشريعية الأخيرة عن تقدم كبير لحركة "البديل من أجل المانيا" اليمينية المتطرفة. وتمكن هذا اليمين المتطرف من جعل ملف الهجرة أولوية في النقاش الوطني، كما تسبب في بداية تمرد داخل حزب ميركل ضدها، لتساهلها في ملف المهاجرين.

ويعتبر قسم من أنصار ميركل أن تنامي دور اليمين المتطرف والمناهض لأوروبا يعود الى السياسة الوسطية لميركل، ولاستقبالها أكثر من مليون طالب لجوء بين 2015 و2017.

وهكذا أجبرت ميركل على منح وزارة الصحة لزعيم التيار المتشدد المناهض لها داخل حزبها ينس سبان. ويطالب الأخير بسلوك سياسة أكثر يمينية في الحكم.

ورغم هذه العثرات، تمكنت ميركل من الصمود والاستعداد لبدء ولاية جديدة رابعة، بعد أن أمضت حتى الآن 12 سنة في السلطة.

ومن الصعب توقع مدة صمود الحكومة الجديدة الجاري تشكيلها، لأن الاشتراكيين الديمقراطيين وافقوا على الدخول اليها بعد تردد كبير. حتى أن هناك مادة في الاتفاق بين الطرفين تلحظ إمكان خروج الاشتراكيين منها خلال أقل من سنتين.

ويبدي اليمين المتطرف الألماني ارتياحا الى تكتل المحافظين مع الاشتراكيين داخل الائتلاف الحكومي المقبل، لأنه يعتبر أن هذين الطرفين لا يمكن إلا أن تتراجع شعبيتهما بسبب مشاركتهما في الحكم معا.

وقالت اليس فيدل القيادية في اليمين المتطرف الألماني "إن الحساب آت، وعلى أبعد تقدير عام 2021"، في إشارة الى موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

ولا بد لميركل الآن العمل على تشكيل حكومتها الجديدة. وأعلن المحافظون البافاريون (حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي) المتحالفون مع ميركل والمعروفون بتشددهم في ملف المهاجرين، أن زعيمهم هورست شوفر سيتسلم وزارة الداخلية التي بات اسمها "وزارة الداخلية والوطن".

وسيتولى الاشتراكيون وزارتي الخارجية والعدل. كما تمكنوا من إجبار ميركل على التخلي عن وزارة المالية التي ستعطى للاشتراكي رئيس بلدية هامبورغ أولاف شولتز، وسط تخوف المحافظين من هذه الخطوة.