لأول مرة منذ أكثر من قرن ونصف القرن، دخل القطاع الخاص مجال إدارة مرفق السكك الحديدية في مصر، بعدما وافق مجلس النواب في جلسته العامة، أمس الأول، نهائياً على مشروع قانون بتعديل بعض مواد القانون الخاص بهيئة السكك الحديدية، في خطوة تهدف إلى إشراك القطاع الخاص في تطوير المرفق الحيوي مع القطاع الحكومي، الذي يعاني صعوبات تمويلية، لكن البعض تخوف من تداعيات الخطوة التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار "تذاكر القطارات".

البرلمان وافق في جلسة، أمس الأول، على تعديلات القانون نهائياً، بما يسمح لهيئة السكك الحديدية منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين لإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية، على ألا تزيد مدة الالتزام عن 15 سنة، وتحديد وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية التي تكفل حسن سير المرفق بانتظام.

Ad

ويفترض أن يصدر مجلس الوزراء قراراً بمنح الالتزام وتحديد شروطه وأحكامه، وأسس تسعير مقابل الخدمة.

ويشترط القانون الجديد موافقة مجلس الوزراء على التسعيرة المقترحة من قبل المستثمر، كما يشترط المحافظة على المرافق محل الالتزام وجعلها صالحة للاستخدام، على أن تؤول المرافق جميعاً إلى الدولة بعد نهاية مدة الالتزام.

من جهته، قال رئيس لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان، هشام عبدالواحد، إن "البرلمان وضع بنية تشريعية قوية جداً لهيئة السكك الحديدية، لكي تستكمل عملية التطوير بمشاركة القطاع الخاص"، مشدداً على أن "الخطوة تأتي في إطار مواجهة تدهور المرفق بسبب إهمال المسؤولين السابقين".

ولم يمر إقرار إشراك القطاع الخاص في إدارة وصيانة السكك الحديدية مرور الكرام، إذ أعرب عدد من خبراء الاقتصاد عن مخاوفهم من أن يكون القانون الجديد خطوة على طريق خصخصة المرفق الحيوي لجميع المصريين، ما عبر عنه صراحة الخبير الاقتصادي، رائد سلامة قائلا لـ"الجريدة"، إن القانون "خصخصة واضحة المعالم لواحد من أكثر المرافق حيوية في مصر، ويأتي في إطار تنفيذ الحكومة لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض من الأخير، عبر بيع الكثير من شركات القطاع العام".

وتابع سلامة: "المشكلة الحقيقة أن الحكومة لن تتمكن من السيطرة على رغبة القطاع الخاص في تعزيز مكاسبه عبر رفع سعر تذكرة القطارات التي يستخدمها ملايين المصريين، لأن المستثمر الذي سينفق أمواله على تطوير الخدمة سيطالب في المقابل بعائد ضخم سيتم تعويضه من جيب المواطن، في إطار انسحاب الحكومة من السوق بشكل كامل".

وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، مطلع الشهر الجاري، أن تكلفة إعادة تطوير شبكة السكك الحديدية تحتاج ما لا يقل عن 250 مليار جنيه، مشدداً على عدم قدرة الدولة على تحمل هذه التكاليف، قائلا: "أنا مش هدفع حاجة من جيبي، واللي جاي يقعد هيدفع، وأنا بتكلم بمنتهى الأمانة".

ويعاني مرفق السكك الحديدية في مصر، الذي ينقل نحو مليوني راكب يومياً، تراجعا واضحا في جميع الخدمات بسبب ضعف آلية الصيانة منذ عقود.