قلما يخلو نقاش عربي من مغالطات منطقية، وتعريف المغالطات البسيط يقول: "حتى لو كانت كل المعطيات صحيحة فمن الممكن للحجة أن تكون غير سليمة إذا كان المنطق المستخدم غير سليم"، المغالطات هنا دورها الأساسي وضع الأفخاخ في طريق الحوار وصيد "زبدة الهرج" بأي موضوع مطروح للنقاش لمنعها من بلوغ ثمرة النقاش والاستفادة منه، نعم المغالطات فخ لا منطقي من صاد به هنا عشى بنات أفكاره، حتى إن كنّ لعوبات سيئات السمعة- منطقيا طبعاً- ومشيهن الحواري مش ولا بد، ولتمت بعد ذلك بنات الأفكار الحمايل جوعا وعطشا على قارعة رصيف الحوارات لا يهم. في الكويت نعاني المشكلة ذاتها في حواراتنا وقلما فلت حوار لنا- إلا ما رحم الله- من الوقوع في أفخاخ منطقية كهذه، وسأورد هنا بعضها:
- مغالطة عدم الترابط: يقول لي مطلق نحن بلد ديمقراطي، إذاً نحن شعب يمارس الديمقراطية. هنا مغالطة منطقية فالديمقراطية آلية أو وسيلة فقط أما الغاية الديمقراطية فتقع على عاتق الشعب ذاته، فقد تُمارس الدكتاتورية وأنت أمام صندوق الانتخاب عندما ترفض الأفضل لأن السيئ ينتمي إليك أو يعز على من يعز عليك، وقد تمسح بالديمقراطية المصون البلاط عندما تُمارس فعلاً مناقضا لها في عملك أو منزلك أو شارعك أو حتى في حوار تخوضه في مواقع التواصل، فالترابط هنا يا مطلق يعتمد عليك كمواطن لا على الأداة المستخدمة. - مغالطة التحريف: قلت لحمد لا بد من إصلاح التعليم والصحة والاقتصاد ومحاسبة المقصرين، رد حمد بانفعال: ألا تحب وطنك؟ ألا ترى ما يحدث في الإقليم من حولنا من إضرابات وحروب؟ ثم ردد بحزن: خاف الله بكويتنا!!هنا مغالطة من حمد، فهو يعرف تماما وضع ما ذكرت، ويعلم أيضا أن إصلاحه هو الخطوة الأولى في درب حماية الوطن، ولكنه لا يملك الحجة، فلجأ إلى قلب حجتي بقصف المركز الرئيسي لمشاعري ودغدغتها لكي يفلت بحجته وينقذ ماء وجهه، وهنا مغالطتان لا واحدة- ولتحيَ تنزيلات حمد- التحريف والتماس المشاعر. - مغالطة الشخصنة: أنا وحمد ومطلق أصدقاء من أيام الجامعة سمعنا تصريحاً لنائب عن ضرورة تغيير قوانين الحريات، ضحك حمد قائلا: فلان يتكلم عن الحريات نسينا موقفه أيام كذا وكذا، ضحك مطلق وقال: لا تنس تغريدته في ٢٠١١ بعد!! هنا حمد ومطلق وقعا في الشخصنة، ولم يناقشا رأي النائب بل تعدياه إلى شخصه، وهذا الأمر سواء وقع على النائب أو غيره يحول أي حوار إلى قضية أحوال شخصية غالبا ما يرمي المنطق فيها يمين الطلاق بالثلاثة على الفائدة المرجوة. - مغالطة القناص: وهي ما تسمى أيضا "الانحياز التأكيدي"، حيث يختار المحاور الحجج التي تدعم موقفه فقط، ويترك غيرها متعمدا، غلوم هداه الله يقول الديمقراطية في الكويت واستجواباتها وتأزيمها ساهمت في عدم تطورنا وتراجع مؤاشرات تنميتنا، في الوقت الذي تنعم فيه دول غير ديمقراطية بمؤشر تنمية عال وتطور لافت، والدليل ترتيبنا في الجداول العالمية، غلوم هنا حفر لي مغالطة منطقية فوقع فيها، ونسي أن ديمقراطيتنا ذاتها هي من ساهمت في تراجع ترتيبنا، لأننا وبسبب شفافيتها مكشوفون أمام المنظمات العالمية، في حين غيرنا تمر مراقبتهم بفلاتر لا داعي لذكرها، كما أن غلوم نسي أن 99% من العالم الأول ديمقراطي ما عدا الصين، وهي حالة فريدة تحتاج مقالا مفصلاً لشرحها، غلوم لم يقارن حالنا بالنرويج ولا بكوريا الجنوبية كمثال، بل اختار "نقصة" من صحن المقارنات ليدعم حجته وبما يناسب مقارنته، وهي مقارنة غير صحيحة لأسباب ذكرتها سابقا، طبعا لا أنكر هنا تراجعنا كدولة، ولكن الديمقراطية لا شأن لها بقنص غلوم، بل سوء الإدارة والتخبط التخطيطي، ومع مزيد من الديمقراطية- على رغم أنف الأخ غلوم- سنحل هذا الأمر كما فعلت الدول الديمقراطية التي مرت بأزمات مثلنا. وكل مغالطة منطقية وأنتم وحواركم الكويتي بألف خير.
مقالات
خارج السرب: مغالطات مطلق وحمد وغلوم
07-03-2018