أرجوحة: روح التحرير
دون الدخول في العديد من التفاصيل، والانغماس في الكثير من الفلسفات، أطرح هذه الأسئلة التي تلح على خاطري في كل عام في مثل هذه الأيام، وهي: متى يتم استغلال روح التحرير بالشكل الصحيح والمناسب؟ ومتى تتم ترجمة روح التحرير والأعياد الوطنية إلى نهضة حقيقية شاملة تنعكس نتائجها على الوطن والمواطن؟ ومتى تتم الإفادة من الطفرة البشرية الكويتية التي هزت وعلمت العالم أجمع معاني الولاء والانتماء أثناء الغزو الغاشم، وبعد تحرير حبيبتي الكويت، واستثمارها في تحقيق التنمية التي نسعى إليها ونتغنى بها منذ سنوات طوال؟ ومتى تصبح روح التحرير العظيمة وأرواح الشهداء البواسل محركاً لصناعة المستقبل الذي نحلم به من أجل أولادنا والأجيال المقبلة؟ باختصار متى تتم ترجمة روح التحرير العظيمة إلى أفعال وإنجازات بدلاً من الشعارات والاحتفالات؟هذا هو السؤال، وأتمنى من كل مسؤول عاقل وغيور على هذا الوطن العظيم أن يمدني ويمد المواطنين بإجابة شافية ومنطقية تحمل في طياتها الأمل والمستقبل المشرق– على الأقل للأجيال القادمة– بما تستحقه الكويت وبما تمتلكه من موارد طبيعية وبشرية تؤهلها أن تكون في صدارة دول العالم اقتصادياً وتنموياً، والنماذج والدلائل قريبة منا ومجاورة لنا، فهاهم إخواننا في دول الخليج استطاعوا أن يحققوا خطوات فارقة خلال العقود والسنوات الماضية، واستطاعوا أن ينجزوا معدلات تنموية كبيرة أصبحت مثار إعجاب للقاصي والداني، والكويت– عروس الخليج- بتراثها وريادتها وتاريخها وإمكاناتها البشرية، لا تقل طموحاً ولا قدرات ولا إمكانات عن إخواننا في الجوار، وأعتقد أن الكويت تستحق منّا– على الأقل– أن تكون في موضعها الطبيعي الذي اعتادت عليه في قيادتها وريادتها للمنطقة كما عودتنا دائماً، نظراً لدورها الحيادي والإيجابي في كل قضايا المنطقة. وسؤالي حول روح التحرير وكيفية استثمارها بالشكل الصحيح، هو سؤال– كما ذكرت في البداية- متكرر وملح بالنسبة إلي، ففي كل عام وتزامناً مع الاحتفالات بأعياد التحرير والأعياد الوطنية، وأنا أشاهد الاحتفالات والأغاني والشعارات والكلمات البراقة وحتى الدعايات والإعلانات، تعود إليّ كل هذه الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة حقيقية.
وللعلم أخي المواطن أنا لست ضد الفرحة، ولست ضد الاحتفالات، فأنا أشعر بالفخر في كل عام أن أكون أنا وأولادي في صفوف المسيرات الشعبية بالاحتفالات الوطنية، وحتى لا يساء الفهم فحتى الاحتفالات والأغاني الوطنية أراها شيئاً جيداً؛ لكن مشكلتي الأساسية هي أن يتم قصر الاحتفال بالأعياد الوطنية على المسيرات والغناء والاحتفالات، وألا نقدم جديداً للوطن، وألا نطرح هدفاً أو خطةً تستثمر كل هذا الحب في قلوبنا وكل هذه الموارد الخلاقة في شبابنا من أجل كويتنا العظيمة، هنا تكمن المشكلة بالنسبة إليّ، وأنا أشاهد تفريغ الطاقات في الاحتفالات دون تقديم جديد، ودون الاستثمار المناسب لروح التحرير العظيمة التي جعلتنا نؤمن أن الكويت وطنٌ يعيشُ في كياننا ونحمله في قلوبنا، ولا يمكن انتزاعه من دمائنا وأوصالنا مهما اشتدت الأزمات والظروف. أعتقد أن السؤال واضح، والرسالة أوضح، في انتظار من يجيب، ويقدم ما يكون مناسباً وملائماً لاستثمار هذه الروح العظيمة لأعياد التحرير التي جعلت العالم كله يتكاتف معنا ويؤمن بصدق قضيتنا وعدالتها، إلى أن عادت إلينا أرض المهد واللحد (الكويت). في انتظار الإجابة لمن يملكها ويستطيع ترجمتها على أرض الواقع يا سادة!أرجوحة فخر:الأربعاء الماضي كانت محاضرة الدكتورة حنين الغبراء التي حازت جائزة علمية عالمية محطة فخر لقسم الإعلام ومنتسبيه، والفخر الآخر كان محاضرة ابنيّ العزيزين خريجي قسم الإعلام (يوسف كاظم وعبدالله القطان) فكلتا المحاضرتين حركت السؤال الملح في خاطري: لماذا لا نستغل أبناءنا الأفذاذ وطاقاتهم الجبارة وأفكارهم النيرة في تطوير بلدنا؟ لماذا؟!