وثيقة لها تاريخ : قاضي البصرة يعيِّن يوسف الصبيح متولياً على وقف فوزان السميط عام 1854
وثائق الوقف الإسلامي، وما هو مرتبط بها، وفَّرت لنا مادة خصبة للبحث التاريخي، وأصبحت مرجعاً أساسياً لنا في تثبيت الأسماء والأماكن والعلاقات الأسرية، وغير ذلك. فعلى سبيل المثال، وفَّرت لنا وثيقة تعود إلى عام 1808 لوقف شرعي في الكويت لبيت ملك سلمان بن صقر الطيري العازمي، أوقفه على ابنتيه دلها وعيدة، وعلى أمهما مطرة بنت غريب، نشرتها في كتابي (موسوعة الوثائق العدسانية) سنة 2014. وهناك الكثير من وثائق الوقف الأخرى وردت فيها معالم تاريخية ومعلومات مهمة أعانتنا على تأكيد أحداث أو أسماء أو تفاصيل ومعلومات قديمة. واليوم، أودُّ أن أعرض لكم وثيقة نادرة من وثائق الوقف المرتبطة بأسرة كويتية كريمة كان لها أملاك في مدينة البصرة قبل نزوحها إلى الكويت.
هذه الأسرة هي أسرة السميط، التي كان لها دور ملموس ومعروف في مدينة الزبير، وكان لها أملاك كثيرة في البصرة، وما حولها. وثيقتنا كُتبت في 7 شعبان 1270هـ، الموافق 4 مايو 1854، وتتعلق بوقف للمرحوم، بإذن الله تعالى، فوزان بن جاسر بن حمد السميط، الذي كان يملك مزرعة بالقرب من باب السراجي بالبصرة، مزروعة بالنخيل والأشجار، أوقفها بالكامل على نفسه وذريته. وبعد انقضاء فترة زمنية طويلة، لم يتوافر أمام قاضي البصرة، الشيخ أحمد نور أنصاري زاده، شخص من أسرة السميط يمكنه أن يتولى الوقف، فقرر القاضي أن يعيِّن الحاج يوسف عبدالرزاق الصبيح من أهل الكويت (المتوفى عام 1875) متولياً على الوصية، لكونه وصياً شرعياً على أولاد عثمان بن فوزان بن جاسر السميط، ولكونه ابن قوت بنت فوزان السميط. وقد أوردت الوثيقة، التي صادق عليها فيما بعد قاضي الكويت، الشيخ عبدالله بن محمد العدساني، وصفاً جميلاً للمرحوم يوسف الصبيح، أنقله لكم نصاً كما ورد: "فاختار الحاكم المومي إليه أسبل الله تعالى ذيل ستره وكنفه عليه الاشيم الرجل الرشيد المدعو بالحاج يوسف بن المرحوم عبدالرزاق الصبيح فنصبه من قبله متولياً على الوقف المحرر، لكونه وصياً شرعياً على أولاد عثمان بن الحاج فوزان السميط الواقف، ولكون والدته قوت بنت الحاج فوزان منوبته مكانها، ولكونه من أهل العفة والأمانة، متباعد عن الغش والخيانة، كما شهد بحقه من أثق به".هذا الوصف الجميل والدقيق ليوسف الصبيح، الشهير بمساعدته الفقراء سنة "الهيلق"، الذي ورد في هذه الوثيقة التاريخية، شهد عليه نخبة من أهل البصرة والكويت، ووردت أسماؤهم وأختامهم على أطراف الوثيقة، ومنهم: سليمان زهير، عبداللطيف الجامع، علي آل رزق، محمد عثمان زهير، الحاج أحمد الزامل، عبدالله بن عثمان بن غريب، عبداللطيف بن عبدالعزيز الصانع، عيسى بن غانم بن رشود، الحاج عبدالكريم بن شاهين، السيد عبدالقادر الرديني، سليمان المرزوق، عبدالله بن عيسى بن محمد بن إبراهيم، صالح بن عيسى الدويرج، عبدالعزيز بن حمد بن سيف، محمد بن عبدالرحمن المفيد، عبداللطيف المطوع، السيد عبدالحميد بن السيد حامد، السيد عبدالله بن السيد شعبان الرفاعي، سلمان آغا بن عبدالله، السيد عبدالرزاق أفندي القادري، الحاج أحمد آغا ناظر أوقاف البصرة.