في 27 فبراير، عاقت روسيا مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يهدف إلى الضغط على إيران في أعقاب تقرير شائن أعدته لجنة خبراء الأمم المتحدة حول اليمن. وفي الشهر الماضي، خلص تقرير اللجنة السنوي بشكل قاطع إلى أن «جمهورية إيران لا تمتثل للفقرة 14 من القرار 2216 (لعام 2015)»، في إشارةٍ إلى الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد الأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.وقد نُشر التقرير بالتزامن مع لقاء جمع عدداً من الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين على هامش «مؤتمر ميونيخ للأمن» الذي انعقد بين 16 و18 فبراير لإيجاد سبل لتقييد أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، ومن ثم إقناع إدارة ترامب بتمديد فترة الاعفاءات من العقوبات الأميركية التي تنتهي في 12 مايو. وإذا كانت دول رئيسة كفرنسا وبريطانيا وألمانيا تبحث عن طريقة لبدء المفاوضات بشكل صحيح، فإن أحد الخيارات القوية هو فرض عقوبات جديدة من «الاتحاد الأوروبي» على شركات تطوير الصواريخ الإيرانية التي ربطتها لجنة الأمم المتحدة بتهريب الأسلحة إلى اليمن.
أدلة مفصلة
تنقسم النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة ضد إيران إلى ثلاث فئات رئيسية:• توفير صواريخ بالستية بعيدة المدى، فقد زار خبراء من الأمم المتحدة المملكة العربية السعودية في نوفمبر وديسمبر لتفقّد بقايا أربعة صواريخ تم إطلاقها على المملكة من اليمن (ثلاثة أُطلقت على الرياض في 19 مايو و4 نوفمبر و19 ديسمبر، وصاروخ واحد على ينبع في 22 يوليو). وخلص الوفد إلى أن «خصائص التصميم الداخلي والسمات الخارجية ومقاييس [البقايا] تتّسق مع تلك الخاصة بصاروخ «قيام-1» المصمّم والمصنّع في إيران. • توفير معدات وقود الصواريخ، إذ خلصت لجنة الأمم أيضاً إلى أن طهران لا تمتثل للحصار، إذ تمّ العثور على المكوّنات المصنّعة أو المشتراة من شركاتٍ إيرانية داخل خزّانات حفظ ثنائية الداسر تعمل بالوقود السائل تم اعتراضها في طريقها إلى الحوثيين. وتدعم هذه الخزّانات إعادة معالجة حمض النيتريك المدخّن الأحمر المثبَّط، وهو مؤكسد الوقود الدفعي ثنائي الداسر المستخدم في الصواريخ البالستية قصيرة المدى. وأشارت اللجنة إلى أن اثنين من المكوّنات تم تصنيعهما في إيران، في حين تم توريد ثلاثة أخرى إلى إيران من شركات تصنيع أجنبية «دفع ثمن أحدها عبر حساب مصرفي أوروبي». • توفير طائرات بدون طيار من طراز «قاصف-1». أفاد خبراء الأمم المتحدة أيضاً بأن عدداً من الطائرات بدون طيار من طراز «قاصف-1» والمكوّنات ذات الصلة التي وُجدت في اليمن كانت «مطابقة تقريباً في التصميم والمقاييس والقدرة لـ «أبابيل- ت» المصنّعة من «شركة صناعة الطائرات الإيرانية» وبناءً على تصميم الطائرات بدون طيار وتعقّب الأجزاء المكوّنة، خلصت اللجنة إلى أن المواد اللازمة لتجميع «قاصف-1»، «مصدرها جمهورية إيران الإسلامية». وأوضحت اللجنة أنه «تم توفير مكوّنين على الأقل من المنظومة إلى إيران بعد تنفيذ الحظر المفروض على الأسلحة. وتم استخدام طرف وسيط ثالث كطريق لتمويل أحد المكوّنات، فضلاً عن حساب وسيط في دولة ثالثة، ويدلّ ذلك على محاولة متعمّدة لإخفاء الوجهة النهائية للمكوّنات».وتُظهر النتائج كلها التي توصلت إليها اللجنة بوضوح أن إيران «فشلت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع توريد المعدات العسكرية ذات الصلة أو بيعها أو نقلها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى قوات الحوثيين وقوات صالح، التي تعمل بناءً على توجيهات من أفراد تم إدراج أسمائهم في القائمة».وفي ظل إجراءات تسعى أوروبا، ولاسيما فرنسا، إلى فرضها على إيران لما تستشعره من تهديدها العالمي، على الاتحاد الأوروبي إيجاد الأطراف التي ينبغي استهدافها بهذه العقوبات، ليس على «الاتحاد الأوروبي» سوى النظر في الإجراءات الأميركية الأخيرة. فمنذ تنفيذ الاتفاق النووي، فرضت واشنطن عقوبات على ثمانية وثمانين كياناً إيرانياً لقيامها بأنشطة متعلقة بالصواريخ الباليستية،غير أن ثلاثة منها فقط تندرج في قائمة «الاتحاد الأوروبي». كما أن عدداً من العقوبات الأميركية الأخيرة يستهدف الشركات التابعة لـ»مجموعة الشهيد باقري الصناعية» (SBIG) و»مجموعة شهيد همّت الصناعية» (SHIG) و»منظمة الصناعات الدفاعية» (DIO)، والتي تبقى جميعها معرضة لعقوبات الأمم المتحدة وبالتالي «الاتحاد الأوروبي».فعلى سبيل المثال، في 4 يناير فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على خمس شركات فرعية تابعة لـ»مجموعة الشهيد باقري الصناعية»، التي سبق أن اتخذ «الاتحاد الأوروبي» تدابير بحق أحدها (وهي شركة شهيد خرازي للصناعات). ويملك «الاتحاد الأوروبي» حق تسمية الشركات الأربع الأخرى في إطار «لائحة المجلس الأوروبي 267/2012»، التي تم تعديلها وليس إلغاءها بعد الاتفاق النووي.وفي يوليو 2017 أدرجت الولايات المتحدة أسماء ستّ شركات تابعة لـ»مجموعة شهيد همّت الصناعية»(SHIG) لأنها قامت بتصنيع هياكل ومحركات الصواريخ البالستية ذات القوة الدافعة، فضلاً عن أنظمة التوجيه والتحكم من النوع نفسه التي وُجدت بين الحطام الذي خضع للتفتيش في المملكة العربية السعودية. كما سعى الكونغرس إلى تسليط الضوء على هذه الأنشطة الإيرانية كجزء من «قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات»، الذى تم تبنّيه في أغسطس ويستدعي من الإدارة الأميركية إصدار تقرير حول تنسيق العقوبات بين الولايات المتحدة و»الاتحاد الأوربي» كل ستة أشهر.وقد سلّطت إجراءات أميركية أخرى الضوء على تعاون إيران في مجال الصواريخ مع كوريا الشمالية وجهودها الرامية إلى نشرها في سورية. وفي يناير 2016، تمّ إدراج اسم المدير التجاري لـ»مجموعة شهيد همّت الصناعية» (SHIG) السيد جواد موسوي لعمله مع مسؤولين من «شركة تنمية التعدين الكورية» (KOMID) المدرجة في قائمة الأمم المتحدة أيضاً. وفي مايو 2017، تمّ فرض عقوبة بحق نائب مدير الشؤون التجارية في «منظمة الصناعات الدفاعية» (DIO) مرتضى فاراسات بور لتنسيقه عملية بيع وتسليم متفجرات إلى «مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية»، وهي وكالة حكومية سورية مسؤولة عن الأسلحة غير التقليدية ونظم التوصيل. وشملت العقوبة أيضاً مراقبة قروض تابعة لـ»منظمة الصناعات الدفاعية» (DIO) بلغت قيمتها عشرات الملايين من الدولارات.وللاستفادة من التدابير الأميركية بطريقة تقلل من العقبات الدبلوماسية المحتملة، على واشنطن أن تشجع القادة الأوروبيين على اتخاذ إجراءات متابعة خاصة بهم، مذكرةً إياهم بأن هذه الإجراءات لا تتعارض مع التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي وأنها من غير المرجح أن تعرقل العلاقات التجارية لـ»الاتحاد الأوروبي» لأن الكيانات الإيرانية المعنية معزولة أساساً عن النظام المالي الدولي بسبب التصنيفات الأميركية.ومن المؤكد أن العقوبات الجديدة لن تكون كافيةً لتعطيل تدفق الصواريخ الإيرانية إلى اليمن. ويعتبر الحظر البحري أمراً ضرورياً، وبعضه يحدث بالفعل. وقد أوصى تقرير الأمم المتحدة باتخاذ المزيد من الإجراءات المماثلة، مثل وضع «آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة» بصورة دائمة في ميناء الحديدة. يتعين على الوكالات الأميركية العمل أيضاً مع نظيراتها الأوروبية للتحقيق في أنشطة شراء الصواريخ الإيرانية المذكورة في تقرير الأمم المتحدة وتعطيلها، والنظر في فرض عقوبات مشتركة لفضح الجهات الإيرانية المعنية بالمشتريات التي تستخدم شركات واجهة تعمل في الخارج. وفي الوقت نفسه، فإنّ أي جهد يرمي إلى جعل العقوبات التي يتّخذها «الاتحاد الأوروبي» أكثر اتساقاً مع واشنطن من شأنه أن يبعث رسالةً واضحة مفادها أن أوروبا مستعدة للعمل مع إدارة ترامب، ومواجهة إيران والدلالة على أفعالها السيئة للحفاظ على الاتفاق النووي.إجراءات أوروبية ضد طهران
في 13 فبراير، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ انتشار الصواريخ الإيرانية داخل سورية واليمن يشكّل تهديداً على الحلفاء في المنطقة، مطالباً بوضع إيران «تحت المراقبة بشأن صواريخها البالستية» واقترح فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ البالستية الإيراني. ومن شأن اتخاذ مثل هذه الإجراءات على مستوى «الاتحاد الأوروبي» الأوسع نطاقاً توجيه رسالة قوية بأنّ أوروبا ترى انتشار القذائف الإيرانية بمثابة تهديد، وأنها مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة للتصدّي لها.