العامية تموت... والفصحى تعود
ينتشر الآن ما يسمى بلغة الأجهزة، حيث تسودها الفصحى، فأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية وحتى ألعاب الفيديو أصبحت تنطق الضاد بعروبة، وأما التنوع العامي فهو في انكماش ملحوظ، ففي السابق كانت كل قرية أو قبيلة متقوقعة على ذاتها، مستخدمة مفردات وعبارات بدون اهتمام لعجز الآخرين عن فهم كلامها، أما في يومنا هذا فصار العكس صحيحا، ولا أقصد أن الفضل كله يعود إلى وزارة التربية والتعليم. يبيع المغربي للكويتي في مشاريع تجارية، ويتزايد البحريني في المسابيح مع التونسي، ويتواصل الحلبي مع السعودي، بل حتى مسابقات أفضل مطرب تحتاج لجان تحكيمها إلى الالتزام بمقدار من الفصحى وتخفيض عامياتها، فالجماهير غدت عربية- عربية، في التجارة والترفية وحتى في البرامج التعليمية، فمثلاً كانت برامج قناة الكويت الأولى في الثمانينيات، شديدة التميز باللهجة الكويتية، ولكن أجيال التلفاز في زماننا هذا تتأقلم ألسنتها ونتعود آذانها المواد الإعلامية أكثر من موروثاتها الشعبية، ولكن هل هي فصاحة المتنبي أو الشافعي؟ بالطبع، تشوب هذه العربية سلبيات مثل جفاف العاطفة وميكانيكية التفكير، وهذا بسبب تأثر الترجمات باللغات الاجنبية المترجمة مع الأجهزة والمدبلجة في الإعلام، أما ما هو مبشر بالخير، فهو موت الكلام العامي ذي الأصل الفارسي والبرتغالي والفرنسي والتركي ببطء، وكحسن تفاؤل، أرى أن التطور التكنولوجي في الوطن العربي لن يطمس التطور اللغوي لهذه اللغة المقدسة.