أعلن رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، في الاجتماع السنوي الذي نظمه "آي اتش اس ماركيت" في هيوستن في الأسبوع الماضي في سيرا ويك، أن نمو إمدادات النفط من خارج دول منظمة "أوبك" سيحدد اتجاه السوق خلال السنوات الثلاث المقبلة (وصولا الى سنة 2021) على الأقل – في ظل هيمنة دولة واحدة على هذه الإمدادات وهي الولايات المتحدة التي ستترك بصمتها على تطورات أسواق النفط العالمية خلال السنوات الخمس المقبلة.العنوان الأصغر حجماً يقول إن المصافي قادمة:
وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية للنمو في الطلب على النفط الى زيادة قدرها 6.9 ملايين برميل يومياً بحلول سنة 2023، ولكن ذلك ينطوي على تحول في نوع النفط المطلوب. فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على منتجات المصافي مثل البنزين بمقدار 4.8 ملايين برميل يومياً فقط، في حين يتم تعويض معظم الفجوة من خلال نمو حصة الغاز الطبيعي المسال، ويرجع ذلك الى حد كبير الى زيادة امدادات الزيت الصخري في أميركا الشمالية.وبالنسبة الى منتجي النفط – خصوصا الأعضاء في منظمة "أوبك" الذين يراقبون تلك الموجة المتوقعة من الإمدادات الأميركية – فإن النمو المتوقع في الطلب على النفط الخام ليس موضع ترحيب مطلقاً. كما أن متوسط النمو المتوقع من حوالي 800 ألف برميل في اليوم سنوياً حتى 2023 هو أقل بنحو 25 في المئة من الأعوام الستة السابقة.ويشكل أيضاً مشكلة محتملة للمصافي – ولبعضها على أي حال. ويرجع ذلك الى الموجة الاخرى التي توقعها تقرير وكالة الطاقة الدولية، والتي تكمن في سعة التكرير وفي الأغلب في خارج الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يكون مركز نحو ثلث السبعة ملايين برميل الإضافية يومياً بحلول سنة 2023 هو الشرق الأوسط، بينما النصف الآخر في الصين والباقي من بلدان آسيا الناشئة.
حصيلة منطقية
وهذا منطقي، لأن الصين والهند وبقية دول آسيا هي موطن النمو المتوقع في الطلب على النفط بشكل فعلي. وفي غضون ذلك، يدفع ظهور أسواق طاقة منافسة كبار المنتجين –مثل المملكة العربية السعودية– الى مزيد من الاستثمار في المصافي ومنشآت البتروكيماويات الأقرب الى العملاء.ولكن ذلك يشكل أيضاً تهديداً محتملاً لأصحاب المصافي. وتنطوي مقارنة السبعة ملايين برميل يومياً بالتقديرات الجديدة لوكالة الطاقة الدولية عند 4.8 ملايين برميل يومياً من الطلب الإضافي على رقم كئيب يقل عن 70 في المئة (ولوضع ذلك ضمن منظور نقول إن المصافي الأميركية تعمل بشكل متوسط عند 90 في المئة).وتقول كريستين بتروسيان من وكالة الطاقة الدولية إن حوالي أربعة ملايين برميل يومياً من السعة أضيفت على صعيد دولي في الفترة ما بين 2012 و2017. وعلى أي حال هذه أرقام صافية ونحو 7.5 ملايين برميل في اليوم من السعة الاجمالية أضيفت وبتعويض من اغلاقات شملت عدة ملايين من البراميل يومياً.مضاعفات محتملة
وتتمثل المضاعفات في أنه في حال تحقيق السعة الجديدة خلال فترة النصف عقد المقبل أو ما يقاربها سيتعين ضغط الهوامش الى النقطة التي تخرج فيها عدة ملايين اخرى من البراميل يومياً.ومن غير المحتمل حدوث ذلك في آسيا. كما أن المصافي الأوروبية المرتبطة بأسواق محلية متراجعة وغير متوازنة من حيث مزيجها المختلط من المنتجات (خصوصا في البنزين) هي التي تبدو معرضة. وسيكون ذلك هو الحال بصورة، خصوصا اذا تعافى التكرير في أميركا اللاتينية، وفتحت سعة غرب إفريقيا كما هو مخطط. وفي غضون ذلك، يتمتع أصحاب المصافي في الولايات المتحدة بوضع جيد نسبياً، خصوصا في ساحل الخليج، ولديهم قدرة وصول الى الانتاج المتصاعد من النفط الخفيف –الذي سيشهد طلباً متزايداً مع تشدد متطلبات الكبريت المتدني في الشحن في نهاية العقد اضافة الى النفط الكندي الأرخص، كما يتمتعون بتكلفة طاقة متدنية بسبب الغاز الصخري.ويبدو أن الأميركيين يشكلون قوة يتعين أخذها في الحسبان على تلك الجبهة أيضاً.