لم تغلق عودة السفير السوداني إلى مصر الأسبوع الماضي بعد غياب استمر شهرين، الأزمات العالقة بين دولتي حوض النيل، إذ بدا أن الملفات التي استدعت الخرطوم على إثرها سفيرها في 4 يناير الماضي، لا تزال عالقة، بل ومرشحة لمزيد من التصعيد، وفق ما كشفته تصريحات السفير السوداني عبدالمحمود عبدالحليم لوسائل إعلام مصرية أمس الأول.

وقال عبدالحليم، في حديث لوسائل الإعلام المصرية بمقر السفار السودانية بالقاهرة، إن عودته من الخرطوم بعد شهرين من قرار استدعائه لا تعني انتهاء المشكلات العالقة بين البلدين، بل تعني الشروع في العمل على حلها خلال الفترة المقبلة "بروح جديدة"، مؤكداً أن الفترة المقبلة ستشهد حراكاً سودانياً مصرياً لحل المشكلات العالقة بين البلدين، والتأسيس لعلاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

Ad

والملفات العالقة بين البلدين ليست هينة، إذ تتهم مصر السودان بالوقف خلف إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة، والذي ترى فيه القاهرة خطرا على حقوقها التاريخية في مياه النيل، فضلا عن اتهام نظام عمر البشير بإيواء "عناصر إخوانية" هاربة من مصر، في حين ترد الخرطوم باتهام جارتها الشمالية بتسليح المعارضة السودانية، وتطالب بمثلث حلايب وشلاتين.

وشدد المسؤول السوداني على أن بلاده لا تؤوي أي عناصر مصرية معارضة، وأن السودان قدم لمصر قائمة بالعناصر المناوئة للنظام السوداني والمقيمة في مصر، وقدم معلومات كاملة لما تقوم به هذه العناصر، معبراً عن أمله أن تتمكن اللجنة الأمنية المشتركة من مناقشة هذا الملف بالتفصيل.

وأوضح أن بلاده تقترح التفاوض أو التحكيم بشأن النزاع على مثلث حلايب على أن يتولى رئيسا البلدين الملف العالق، لكنه لم يوضح طبيعة الرد المصري على مثل هذا المقترح، خاصة أن القاهرة رفضت أكثر من مرة فتح ملف المثلث الحدودي، مؤكدة أنه يخضع للسيادة المصرية بشكل كامل، والتباين بين البلدين في هذا الملف، الذي يعد "أم المشاكل" بين الدولتين، يرجح عودة التوتر مرة أخرى.

وحاول عبدالحليم تهدئة الخواطر بالكشف عن أن الخرطوم تقترح إقامة قوة عسكرية مشتركة لتأمين الحدود بين البلدين، مؤكدا عزم الطرفين على المضي قدما في ترسيخ هذه العلاقات وعقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة الرئيسين في الخرطوم، والتي سيبدأ الإعداد لها عقب الانتخابات الرئاسية بمصر على أن تنعقد قبل نهاية العام الجاري، مشيدا باللقاءات الثنائية بين الرئيسين عبدالفتاح السيسي وعمر البشير وكبار رجال الدولتين في الفترة الأخيرة والتي ساعدت في حلحلة الموقف.

من جهته، أكد رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هاني رسلان، لـ"الجريدة"، أن حديث السفير السوداني يعني أن ملفات الأزمة بين الخرطوم والقاهرة لم تحل بعد فيما يتعلق بمثلث حلايب ومفاوضات سد النهضة وتسليم السودان "العناصر الإخوانية"، وهو ما يعني أن الأزمة مرشحة للتفاقم إذ فشلت مرحلة التفاوض والتهدئة الحالية، وأضاف: "ستكون هناك مفاوضات شاقة بين الجانبين غير مضمونة النتائج".