الكويت تحتاج إلى استراتيجية للحد من الفساد

وجود 42 ألف قضية للمال العام يعني إغراق القضاء والنيابة وأجهزة الرقابة بأعباء لا يمكن احتمالها

نشر في 11-03-2018
آخر تحديث 11-03-2018 | 00:03
No Image Caption
ذكر «الشال» أن القاعدة أصبحت «تخلّف الكويت في مؤشرات قواعد الإصلاح والتنمية»، ومعها بات التخلّف متوقعاً ولا يثير حمية رسمية لمواجهته، بل مجرد بعض الانتظار حتى يزول زخمه، وذلك لا يحقق استدامة ولا تنمية، بل يجعلهما مجرد سراب.
قال تقرير مركز "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إنه في عام 2016، تخلفت الكويت 20 مركزاً في مؤشر مدركات الفساد، أي من المركز 55 إلى المركز 75. وفي عام 2018، تخلفت 10 مراكز أخرى إلى المركز 85 محققة 39 نقطة من أصل 100 لتصبح خامسة في مستوى الفساد على نطاق دول الخليج العربي، والثانية على المستوى العربي، في خلاصة يمثلها تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر في 22 فبراير 2018.

ولفت تقرير "الشال" إلى تصريح رئيس إدارة الفتوى والتشريع في الكويت، بأن الإدارة تلاحق 42 ألف قضية لسرقات المال العام، معتبرا أنه جهد ضخم ومقدر تشكر عليه، "لكنه ليس القضية الذي يفترض التركيز عليها".

وفي تفاصيل تقرير "الشال"، فإن تخلف الكويت 30 مركزاً في مؤشر مدركات الفساد في ثلاث سنوات، يعني أن الفساد لم يعد مرضاً يحتاج إلى مراجعة الطبيب، وإنما وباء مستشرياً، وأن الحل في مواجهته هو الوقاية، أو العمل الاستباقي، كما في حالات التطعيم من الأوبئة. فالكويت لديها إلى جانب إدارة الفتوى والتشريع، ديوان للمحاسبة، هيئة لمكافحة الفساد -نزاهة- المراقبون الماليون، ولديها لجان عامة وخاصة لحماية الأموال العامة، ورغم ذلك، يستفحل الفساد سنة بعد أخرى.

ويعني ذلك أن الكويت، ربما تكون البلد الوحيد، الذي ترتفع فيه تكلفة أجهزة مكافحة الفساد البشرية والمالية، في حين تتصاعد تكلفة الفساد بمعدلات أسرع، والأسوأ، هو عدم قيام جهة حكومية بنفي ما ينسب لها وسط غياب أي استراتيجية لمواجهة الفساد، ويعني ذلك غياب أي سياسة وقائية تحد من استشرائه.

ووجود 42 ألف قضية خاصة لسرقات المال العام فقط، يعني إغراق القضاء والنيابة العامة والفتوى والتشريع وكل أجهزة الرقابة الأخرى بأعباء وضغوط لا يمكن احتمالها، ولا يمكن تحت هذا الضغط تحقيق نتائج مرضية من ورائها، إلى جانب حاجة تلك الجهات لتوظيف أجهزة بشرية ضخمة، ليس من أجل البناء، وإنما فقط للحد قليلاً من معاول الهدم.

وفي عودة إلى ما ذكرناه أكثر من مرة، فإن تكاليف وباء الفساد ليست أهمها الخسائر المالية، بل سقوط كل ماعداه من مؤشرات مثل الشفافية وسهولة بدء الأعمال والتنافسية، فهي تتخلف كلما زاد استشراء الفساد. ومعها لا يمكن استدامة الاقتصاد، وكل الحديث عن رؤى مستقبلية للكويت لا تتصدرها استراتيجية وقائية للحد من الفساد تبدأ من أعلى السلم، لن يكتب لها النجاح، وتلك حالة مثبتة في تجارب النهوض حول العالم.

لقد أصبحت القاعدة هي أن تتخلف الكويت الجميلة في مؤشرات قواعد الإصلاح والتنمية، ومعها بات التخلف متوقعاً ولا يثير حمية رسمية لمواجهته، إنما مجرد بعض الانتظار حتى يزول زخمه، وذلك لا يحقق استدامة ولا تنمية، ويجعلهما مجرد سراب.

back to top