لم يسبق لي أن التقيت النائب د. عبدالكريم الكندري، كما أن فارق السن بيننا يستبعد فرضية أن نكون قد تزاملنا في أي مراحل دراسية أو عمل، إضافة إلى أن التوجه السياسي للنائب الكندري يميل إلى النهج الإسلامي السياسي، كما أسمع من بعض الأصدقاء، وهو يخالف توجهي، لكن عمق وشمولية وتشخيص النائب الكندري في كلماته وطرحه في مجلس الأمة لا يضاهيها أي سياسي في الحقبة الحالية، وخاصة كلمته الأخيرة في استجواب الوزير عادل الجارالله الخرافي.شخصياً عاصرت أهم رموز العمل السياسي الكويتي والمفوهين في فنون الخطابة، واستمعت إلى مئات من خطبهم حضورياً في قاعة البرلمان والندوات العامة، من د. حمد الجوعان وسامي المنيس ود. أحمد الربعي وجاسم القطامي وحتى مسلم البراك ود. عبيد الوسمي، ولكن ما يعرضه ويشخصه د. عبدالكريم الكندري لواقع البلد وأمراضه في خطبه هي كما السهل الممتنع، الذي يجمع بين الرؤية الأكاديمية والممارسة السياسية الفعلية، والتي توجه أصبع الاتهام مباشرة إلى مواقع الخلل، كما كانت كلمته أيضاً عند مناقشة ورقة الحكومة أو رؤيتها للتنمية المستدامة والاقتصادية الأسبوع الماضي.
صراحة كلمات د. الكندري يجب أن تبروز في إطارات للشعب الكويتي ليعرف حقيقة مشاكله، وفي قاعة عبدالله السالم ليعي النواب علل ممارساتهم وسبب مشاكل البلد، وتراجعها أيضاً الحكومة والسلطة إذا كانت تريد حقيقة أن تصلح حال البلد وتطوره، وتوقف نزيف الإخفاقات، وحالة الإحباط المستشرية بين الناس.*** أقر مجلس الأمة بشكل مستعجل الأسبوع الماضي قانون تضارب المصالح، الذي يقع في أكثر من 150 صفحة، وأعتقد أنه بعد عشرات القوانين، التي أقرت على مدى الـ26 سنة الماضية لمحاربة الفساد، بداية من قانون حماية الأموال العامة 1993 وحتى قانون هيئة مكافحة الفساد 2012، مازالت قضايا الفساد تتزايد دون عقاب لمسؤول كبير واحد، وقيادي التأمينات الاجتماعية فهد الرجعان مازال هارباً، وشبهات تحوم حول عشرات الصفقات المدنية والعسكرية والمناقصات العامة، كما أن ترتيبنا الوطني في مؤشرات ومدركات الفساد العالمية يكاد يقول لنا في وجوهنا "أنتم فاسدون"، لذا لم يعد للقوانين فائدة في مكافحة الفساد بالكويت، بل نحتاج إلى محاكم تفتيش لتعالج هذا المرض المزمن الذي تمكن من كل مفاصل الدولة.
أخر كلام
بروزوا كلمات الكندري
11-03-2018