تلبية لدعوات تطبيق أحكام قانون الإعلان الإلكتروني، المقرر بالقانون رقم 26 لسنة 2015 المعدل لقانون المرافعات المدنية والتجارية، تطبق وزارة العدل رسميا، اليوم، القانون الصادر قبل حوالي عامين، كمحاولة للانتهاء من مشاكل قضايا الإعلان التي باتت ترهق القضاة والمتقاضين.لكن تطبيق الإعلان الإلكتروني سيتم فقط على الجهات الحكومية في الدولة، كالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، دون الشركات والبنوك، حيث سيتم تطبيقه مستقبلا عليها، بعد تأكد الوزارة من انطلاق وتيرة العمل بالإعلان الإلكتروني على الجهات الحكومية دون مشاكل تذكر.
ويُثار التساؤل حول إمكانية استخدام المواطنين والمقيمين للإعلان الإلكتروني، والاستفادة من القانون، بدلا من قصره على الشركات والجهات الرسمية أو مكاتب المحاماة، وهل يسمح القانون رقم 26 لسنة 2015 بإتمام الإعلان عن طريق الرسائل الهاتفية (إس إم إس) للمواطنين العاديين، بدلا من انتقال مندوبي الإعلانات إلى منازلهم أو مقار أعمالهم لإتمام الإعلانات؟ وما السند القانوني الذي يسمح بذلك؟
تساؤل
للإجابة عن هذا التساؤل، الذي سينهي مشاكل الإعلانات التي يواجهها المواطنون والمقيمون في المحاكم من أجل إعلانهم إعلانا إلكترونيا يحتج به في مواجهتهم وبذات الوقت يتم إبلاغهم بأقرب الوسائل التي يحملونها كهواتفهم النقالة، فإنه وبعد الرجوع إلى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المنظم لمسائل الإعلانات 38 لسنة 1980، وكذلك للقانون رقم 26 لسنة 2015 المنظم للإعلان الإلكتروني، وللقرار رقم 450 لسنة 2015 المنظم له، يمكن إتمام الإعلانات الإلكترونية على الهواتف النقالة للمواطنين، وذلك على النحو التالي:أولا: ينص قانون المرافعات المدنية والتجارية بتعديله الأخير بتقرير الإعلان الإلكتروني في القانون رقم 26 لسنة 2015 على جواز الإعلان عن طريق رسالة هاتفية مكتوبة، وأورد لها مثلا الفاكس، أو بأي وسيلة اتصال إلكترونية قابلة للحفظ والاستخراج، وهو ما يعني أن الرسائل الهاتفية المكتوبة قد تنصرف إلى الرسائل الهاتفية النصية، لكونها أيضا هاتفية ومكتوبة، فقد ينطبق عليها مفهوم الرسائل الهاتفية المكتوبة الوارد بالمادة، وكذلك ينطبق عليها المعنى، لأنها أيضا قد ترسل من أجهزة الحاسب الآلي بإدارة الإعلان إلى الهواتف المحمولة التي سجل أصحابها أرقام هواتفهم فيها لإتمام الإعلان الإلكتروني بها.60 ألف متلقي رسالة قضائية
علمت الجريدة أن عدد المواطنين والمقيمين المقيدين حالياً بخدمة تلقي الرسائل القضائية والتي تتضمن اخطارهم بالقضايا التي ترفع ضدهم وقرارات الجلسات بلغت 60 ألف مشترك، قابل للزيادة نتيجة الإقدام الكبير من المتقاضين على تسجيل أرقام هواتفهم لتلقي الرسائل، مما يعني أمكانية إرسال صحف الدعاوى القضائية لهم بعد موافقتهم كتابيا.
ومن ثم، فإن تلقي المتقاضين صحف الدعاوى القضائية على شكل رسائل تحمل روابط أو صورا تتضمن محتوى الصحف القضائية مسألة يمكن تحقيقها من الناحيتين الفنية والتقنية، وتعد فكرة سليمة من الجانب القانوني، وفق أحكام قانون المرافعات بتعديله الأخير وإلى قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014 الذي يعتمد أي وسائل للمعاملات الإلكترونية متى كانت تستخدم عبر وسائط أو خصائص إلكترونية، فضلا عن قدرة حفظها واستخراجها، لاسيما أن الهواتف المحمولة الحديثة تحتوي على خصائص إلكترونية، وقدرتها على الحفظ والاستخراج.كما أن العبرة في حجية الإعلان التي اعتمدها المشرع وفق أحكام المادة 12 مكرر من القانون رقم 26 لسنة 2015، بإنتاج أثر الإعلان، بأن يكون من وقت إرسال الرسائل؛ هاتفية كانت أو إلكترونية، وليس من وقت تسلمها، وهو أمر بالإمكان تحقيقه في الرسائل الهاتفية النصية، خصوصا أن أمر إثباتها قد يتحقق باستخراج شهادة من إحدى شركات الاتصالات تبيِّن واقعة تلقي المتسلم للرسائل النصية من الأرقام الهاتفية المعتمدة من وزارة العدل، والمخصصة بإرسال إعلانات صحف الدعاوي القضائية والإخطارات الخاصة بالجلسات.ثانيا: نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة المضافة بموجب القانون رقم 26 لسنة 2015 على جواز إتمام الإعلان برسالة هاتفية مكتوبة (فاكس)، أو بأي وسيلة اتصال إلكترونية قابلة لحفظه واستخراجه، وذلك في الأحوال التالية:الموطن
3 - الإعلان لمكاتب المحامين، إذا كان المعلن إليه اتخذ أحدها محلا مختارا، وكذلك في الأحوال الأخرى التي يجوز تسليم الإعلان فيها للموطن المختار وفقا للقانون.ويتضح من حكم الفقرة السابقة، أنها أوردت حُكمين يسمح للمعلن إليه بتلقي الإعلان الإلكتروني؛ الأول عندما يطلب من خلاله محله المختار كمكتب المحاماة بقبول تلقي صحف الدعاوى القضائية التي تقام ضده إلكترونيا، أي يتلقاها بواسطة الهاتف المكتوب، كالفاكس أو البريد الإلكتروني لمحله المختار، أي مكتب المحاماة.كما يسمح الحكم الثاني من الفقرة الثانية بأن يحدد المعلن إليه موطنا مختارا، وذلك في الأحوال التي يجوز تسليم الإعلان فيها للموطن المختار.وبالرجوع إلى قواعد الموطن المختار التي نظمها المشرع الكويتي بأحكام المادة 15 من قانون المرافعات رقم 38 لسنة 1980، تنص على أنه «يجوز اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معيَّن، ويكون هو الموطن بالنسبة لكل ما يتعلق بهذا العمل، إلا إذا اشترط صراحة قصره على أعمال دون أخرى، ولا يجوز إثبات وجود الموطن المختار إلا بالكتابة».رسائل
ولما كان قانون المرافعات رقم 26 لسنة 2015 أجاز تلقي إعلان الدعوى في الموطن المختار الذي يختاره الشخص ويحدده مسبقا، شريطة أن يبدي ذلك كتابة، كما أن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون أجازت الإعلان برسائل هاتفية مكتوبة أو برسائل إلكترونية قابلة للحفظ والاستخراج، وهو الأمر الذي ينطبق على الرسائل الهاتفية النصية، لكونها قابلة للحفظ والاستخراج من الجهة المرسلة، متمثلة بوزارة العدل، ومن المسموح عمليا إثبات تلقيها للمعلن إليه عبر شركات الاتصالات.ومن ثم يصح عملا اعتبار الرقم الهاتفي موطنا مختارا للمعلن إليه، ويجوز للمتقاضين اتخاذه كموطن لتلقي صحف الدعاوى القضائية، لعدم تعارضه مع أحكام القانون، الذي أجاز الأخذ بالأرقام الهاتفية والفاكس كموطن مختار، والإيميل كذلك، ولم يقصره على الهواتف الأرضية مثلا، دون المحمولة، وكان معياره أنها تتضمن رسائل مكتوبة لثبوتها كمستند، وهي الغاية التي يمكن تحقيقها بأجهزة الحاسب التي ترسل تلك الرسائل المكتوبة التي تثبت واقعة الإرسال لتلك الرسائل على الهواتف المحمولة، لاسيما أن لتلك الرسائل حجية اعتمدها قانون المرافعات في القانون رقم 26 لسنة 2015 والقانون رقم 20 لسنة 2014 بشأن المعاملات الإلكترونية.إعلان الطعون
لا يسمح قانون الإعلان الإلكتروني بإتمام إعلان الأحكام أو صحف الطعون بأنواعها، سواء كانت صحف استئناف أو تمييز أو دستورية، إنما قصر الإعلان الإلكتروني لصحف الدعاوى التي تقام أمام محكمة أول درجة الابتدائية، وإعلان الإنذارات الرسمية التي تودع بإدارة التنفيذ.
وأخيرا، فإن المادة 15 من قانون المرافعات رقم 38 لسنة 1980 نصَّت على أن إثبات الموطن المختار يكون بالكتابة، وهو الأمر الذي تؤكده أحكام المادة الخامسة بفقرتها الأخيرة من القانون رقم 26 لسنة 2015، والتي نصَّت على «ويجب على الجهات والشركات والمؤسسات المشار إليها في هذه المادة موافاة وزارة العدل ببيانات الفاكس أو البريد الإلكتروني المعتمد أو أي وسيلة من وسائل الاتصال الإلكتروني المعتمدة لكل منها، والتي يتم الإعلان من خلالها».وذلك يعني أن يبادر الراغبون في الدخول بمظلة أحكام هذا القانون ممن اتخذوا الإعلان الإلكتروني موطنا مختارا لهم أن يطلبوا من وزارة العدل قيد أسمائهم، وتوقيعهم على طلب مكتوب يتضمن إعلانهم على أرقام هواتفهم المحمولة، وأن أجهزتهم تتضمن خصائص إلكترونية تسمح لهم بالاطلاع على صحف الدعاوى القضائية إلكترونيا، كما للمواطنين أن يضعوا البريد الإلكتروني الذي يخصهم ويعتمدونه كموطن مختار لهم، شأنه شأن الرقم الهاتفي المحمول. وبعد إيراد الأحكام التي تسمح بإدخال المواطنين لإتمام الإعلان الإلكتروني على هواتفهم النقالة أو البريد الإلكتروني، شريطة أن يوافقوا على تحديده، والتوقيع على إقرار من وزارة العدل يثبتون فيه بيانات البريد الإلكتروني أو الرقم الهاتفي الذين يرغبون بتلقي صحف الدعاوى القضائية عليه.ويبقى الأمر مرتبطا بتناول مسألتين، هما: حال عدم اطمئنان المحكمة على البريد الإلكتروني الذي تم إرساله عن طريق الرسائل الهاتفية أو البريد الإلكتروني للمواطنين، فماذا ستقرر بهذه الحالة؟مندوب
إذا ثبت عدم سلامة الإعلان الإلكتروني، أو عدم اطمئنان المحكمة للإعلان الإلكتروني الذي تم على البريد الإلكتروني أو الهاتف الشخصي للأفراد، تطلب المحكمة من المدعي إتمام الإعلان عن طريق شكل الإعلان التقليدي، كإعلان الصحيفة وفق الإعلان العادي على موطن الشخص أو مقر عمله، من خلال مندوب، حال عدم تمكن المدعي من إتمام الإعلان الإلكتروني على الموطن المختار للمدعى عليه، سواء كان رقم هاتف أو بريدا إلكترونيا، وفق ما تشير إلى ذلك الفقرة الأخيرة من نص المادة 16 من قانون المرافعات، والمادة السابعة من القرار الوزاري رقم 450 لسنة 2015 المنظم للإعلان الإلكتروني، باتباع الإجراءات المقررة للإعلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.تغيير الأرقام
حال إقرار الإعلان الإلكتروني عن طريق الأرقام الهاتفية على الهواتف الذكية من قبل وزارة العدل، بعد إعادة تعديل القرار الوزاري رقم 450، سيتطلب من الراغبين في الاستفادة من القانون مخاطبة «العدل»، لتحديث أرقام هواتفهم، لأن عدم تغييرها سيسمح بإرسالها إلى هواتف أخرى، وستكون الإعلانات حجة عليهم.
والمسألة الثانية، هي: ما المشاكل والعراقيل العملية من تنفيذ الإعلان الإلكتروني للمواطنين من الناحيتين القانونية والعملية لإنجاز الإعلان الإلكتروني؟من الناحية القانونية، يتطلب الأمر إصدار وزير العدل الحالي تعديلا للقرار الوزاري المنظم للإعلان الإلكتروني لإدراج وسائل الاتصالات المحمولة، كالهواتف الذكية، والتي تتضمن الخصائص الإلكترونية، وكذلك للبرامج الإلكترونية التي ترسل من خلالها صحف الدعاوى للهواتف المحمولة للمواطنين الراغبين في إتمام إعلاناتهم إلكترونيا، فضلا عن ضرورة تعديل المادة السادسة من القرار الوزاري رقم 450 لسنة 2015، التي تعتبر بإنتاجية الإعلان من وقت تسلم رد الخادم على الرسالة الإلكترونية، وهو حكم لم يأتِ به القانون، ولم ينص عليه، حيث تنص الفقرة الأخيرة من المادة 12 المضافة بأحكام القانون رقم 26 لسنة 2015، على أنه «وفي الحالات التي يجوز فيها الإعلان برسالة هاتفية مكتوبة (فاكس) أو بوسيلة اتصال إلكترونية معتمدة، فيتعبر الإعلان منتجا لاثاره من وقت ثبوت إرساله من الجهة المختصة المكلفة بالإعلان والتي يمكن استخراجه منها لاحقا».وذلك يعني أن الأثر المنتج للإعلان الإلكتروني يكون من وقت ثبوت إرساله، وليس من وقت ثبوت تسلمه، كما تشير المادة السادسة، ويتعيَّن تعديلها بما يتوافق مع أحكام القانون.العدل
ومن الناحية العملية، فإن تطبيق الإعلان الإلكتروني يتطلب حملة توعوية من وزارة العدل للمواطنين والمقيمين، تتضمن دعوة الراغبين في الاستفادة من تلك الخدمة إلى الحضور لمراكز الخدمة لوزارة العدل، والتوقيع على إقرارات تتضمن موافقتهم على تلقي إعلانات صحف الدعاوى القضائية عن طريق رسائل إلكترونية ترد إلى هواتفهم الذكية، وتسمح بإظهار صورة صحيفة الدعوى القضائية المقامة ضدهم، أو أي دعاوى قضائية، وتكون تلك الرسالة بمثابة إعلان قضائي بحقهم، وتسري بمواجهتهم إجراءات المحاكمة، التي تتطلب التواجد بقاعة المحكمة، وفق البيانات الواردة بصحيفة الدعوى، أو أن يوكلوا محاميهم للدفاع عنهم بتلك القضايا.كما يتعيَّن أن تسارع وزارة العدل إلى توفير الأجهزة المتخصصة لإتمام مسائل الإعلان الإلكتروني، لاستيعابه أعدادا كبيرة من المعاملات الإلكترونية، فضلا عن توفير بريد إلكتروني لكل مندوب إعلان سيعمل على نظام الإعلان الإلكتروني، وإدخالهم دورات متخصصة لكيفية إرسال صحف الدعاوى، وكيفية تلقيها من المدعين، طالبين الإعلان والتأكد من إرسالها بشكل سليم على العناوين الهاتفية أو الإلكترونية للمواطنين الذين دخلوا مظلة القانون، للمساهمة في إتمام الإعلان الإلكتروني، بما سيخفف إتمام إعلان الدعاوى عن طريق مناديب الإعلان وفق الإعلان التقليدي.حجز تنفيذي إلكتروني
رغم نص القانون رقم 26 لسنة 2015 بالمادة 230 مكرر على جواز إتمام الحجز التنفيذي عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني، فإن إدارة التنفيذ لم تتخذ أي مظهر من مظاهر تحقيق الحجز الإلكتروني، رغم صدور القانون منذ عام 2015!