مرافعة : المخدرات... عزل التجار ومشفى متخصص وإلغاء التجريم!
تفشي قضايا الاتجار بالمواد المخدرة والتعاطي في الكويت بحاجة إلى مواجهة حقيقية من الحكومة والمجلس، لمواجهة هذه الظاهرة، وإصدار العديد من التوصيات والتشريعات، إذا لزم الأمر، بعد أن فشلت الجهود خلال السنوات الماضية في التصدي لها، بسبب غياب الجهود الفاعلة للحد من مخاطر انتشار جرائم الاتجار وتعاطي المواد المخدرة، خصوصا إذا ما أصبحت السجون أحد أهم مراكز عمليات الاتجار بالمواد المخدرة، في حين يفترض أن تكون المكان الأول لتنفيذ العقوبات بحق المحكومين المدانين فيها!ورغم الجهود التي تبذلها النيابة العامة ووزارة الداخلية في إعادة النظر بوضع المحكومين في القضايا الجزائية، والسعي للنظر في التكدس الذي يشهده السجن المركزي، بعد أن فاقت الطاقة الاستيعابية له عدد النزلاء، يتعيَّن التفكير جدياً بعدة مسائل أراها في غاية الأهمية، وهي أن تعمل إدارة السجون على عزل السجناء المحكومين أو المتهمين بجرائم الاتجار بالمواد المخدرة، ووضعهم في سجن مختلف عن السجن الحالي، حتى لا يخالطوا باقي السجناء الحاليين، فضلا عن فرض الرقابة الأمنية المشددة على السجن، بما لا يسمح بإدخال المواد المخدرة وتهريبها إلى الداخل.
والسبب في عزل سجناء المخدرات عن بقية السجناء، أن الضبطيات التي تحقق فيها نيابة المخدرات تؤكد وجود تهريب للمواد المخدرة داخل السجن، وأن بعضها ضُبط، ما يعني أن تلك المواد المهرَّبة قد تُقدم للمدانين بالأساس بجريمة التعاطي، وغيرهم من باقي النزلاء، وهو ما يعني أنهم تحت خطر التعاطي في أي لحظة، الأمر الذي يجعل من السجن مكانا لانتشار تعاطي المواد المخدرة. بينما القضية الثانية التي تُعد متصلة بالأولى، فهي أن المشرِّع الكويتي يتعامل بنظرة مزدوجة مع المتهمين بتعاطي المواد المخدرة، ما يتعيَّن عليه إعادة النظر في هذا الأمر، بحيث يتم التعامل مع المتعاطي على أنه مريض بإدمان المواد المخدرة، وأن ذلك المرض يتطلب العلاج الجبري، المرتبط بإشراف النيابة العامة، ضمن برامج تتفق مع طرق العلاج من الإدمان، ثم تأهيله للانخراط في المجتمع مجددا، في حين أن النصوص التشريعية اليوم تتعامل معه على أنه مجرم بالتعاطي إذا ما تم ضبطه من قبل رجال الأمن، وينتهي القضاء إلى الحُكم بسجنه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، أو بالغرامة المالية وقدرها 5 آلاف دينار، وقد يتم اعتباره مريضا إذا ما أبلغت عنه أسرته للنائب العام قبل ضبطه، فيودع للعلاج.أما المسألة الثالثة المرتبطة بالمسألتين السابقتين، فهي العمل على إيجاد مستشفيات ومصحات حقيقية لعلاج مدمني المخدرات تتوافر فيها كل الإمكانيات العلاجية لمدمني المخدرات، مع توفير عوامل السرية للمرضى والكوادر الطبية المتخصصة بتلك المجالات، فمركز علاج الإدمان الحالي لا يصلح لأن يكون مشفى لعلاج مدمني المخدرات، بعد أن كشف الواقع العملي عزوف الكثير من الأهالي عن علاج أبنائهم به، والاتجاه إلى مصحات خارج الكويت تتوافر فيها السرية والعلاج الصحي الفعَّال والحراسة المشددة لعدم إدخال المواد المخدرة!