قبل أيام من الانتخابات الرئاسية في روسيا المقررة الأحد المقبل، والتي سيفوز بها الرئيس فلاديمير بوتين من دون شك بولاية رابعة، وجدت روسيا نفسها محرجة، بعد أن اتهمتها بريطانيا بشكل شبه رسمي بالضلوع في محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) في سالزبوري قبل أيام.

ولم تبد روسيا، أمس، أي تجاوب مع المهلة التي حددتها لها بريطانيا لتفسير كيف استخدم غاز أعصاب طوره الاتحاد السوفياتي في المحاولة.

Ad

وغداة قول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن "من المرجح بشدة" أن روسيا هي المسؤولة، نفت روسيا التي ستجري انتخابات رئاسية في 18 الجاري أي دور لها في الواقعة.

وأمهل السفير الروسي لدى لندن، ألكسندر ياكوفينكو، الذي استدعته الخارجية البريطانية حتى نهاية أمس لتفسير ما حدث، أو مواجهة ما قالت ماي إنها إجراءات "أشد بكثير" ضد الاقتصاد الروسي الذي يبلغ حجمه 1.5 تريليون دولار.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده "بريئة" من تهمة اغتيال العميل الروسي السابق، و"مستعدة للتعاون" مع التحقيق البريطاني.

وطالب في مؤتمر صحافي، بريطانيا بالالتزام بمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وإطلاع موسكو على عينات غاز الأعصاب، الذي يتردد أنه تم استخدامه لاغتيال العميل الروسي السابق وابنته.

وتابع: "بمجرد انتشار الإشاعات، التي عززتها القيادة البريطانية، في شأن أن هذه المادة المستخدمة في الاغتيال مصنوعة في روسيا، طلبنا على الفور الاطلاع على هذه المادة لكي يحللها خبراؤنا وفقا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية"، مؤكدا أن "طلبنا قوبل بالرفض"، معتبرا أن "كل الاتهامات الموجهة لنا في هذا الخصوص، كلام فارغ وهراء".

وأعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه تم استدعاء السفير البريطاني لدى روسيا، لوري بريستاو، في حين نفت سفارة المملكة المتحدة في موسكو استدعاء السفير، مضيفة أنه "أجرى محادثات مع نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف".

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن التهديدات البريطانية بفرض عقوبات على موسكو في شأن تسميم الجاسوس الروسي السابق "لن تمر دون رد، وينبغي على الجانب البريطاني أن يفهم ذلك"، وأكدت أن المزاعم الزائفة بتورط روسيا في ذلك يعد استفزازاً.

المونديال

وردا على اقتراح بعض المسؤولين البريطانيين بمقاطعة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها روسيا هذا العام، أفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية بأن "مثل هذه البيانات الاستفزازية التي تغذي المشاعر المناهضة لروسيا لا تؤدي إلا إلى تعقيد العلاقات بين دولتينا، وهي ضربة للرياضة العالمية".

في هذا السياق، أكد السيناتور الروسي إيغور موروزوف، أن بلاده توقفت عن إنتاج غاز الأعصاب المسمى "نوفيتشكوك"، أكدت بريطانيا استخدامه عند تسميم سكريبال (66 عاما).

وأضاف موروزوف، وهو موظف أمن سابق، أن روسيا تخلصت من كل احتياطاتها من هذا الغاز سابقا، تحت إشراف مراقبين دوليين تابعين لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وفقا للاتفاقات الدولية.

وأكد أن الكيلوغرام الأخير من الغازات الكيماوية السامة بما فيها "الزارين" و"الزامان"، تم تدميره في سبتمبر الماضي، مشيرا إلى أن روسيا توقفت عن إنتاج الأسلحة الكيماوية في التسعينيات من القرن الماضي.

«كوبرا»

وفي لندن، عقدت لجنة الطوارئ البريطانية الحكومية (كوبرا) أمس، اجتماعا هو الثاني الذي يتم عقده خلال أربعة أيام، وترأسته وزيرة الداخلية إمبر رود، التي قالت الأسبوع الماضي، إن أكثر من 250 رجل شرطة من وحدات مكافحة الإرهاب في بريطانيا يحققون في الواقعة.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الوطني البريطاني اجتماعا طارئا ثانيا، اليوم، لمناقشة قضية تسمم العميل الروسي السابق.

وأمس الأول، اتفقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الاستمرار في الرد على "السلوك العدواني لروسيا".

وأعلن ممثل مكتب رئيسة الوزراء البريطانية أن ماي تحدثت هاتفيا مع ماكرون عن آخر التطورات وعن الخلاصة التي توصلت إليها الحكومة، وعن أنه من المحتمل جدا أن تكون روسيا هي المسؤولة عن تسميم سيرغي ويوليا سكريبال"، مضيفا: "ناقش ماكرون وماي على نحو واسع وتفصيلي سلوك روسيا العدواني، واتفقا على أنه سيكون من المهم الرد عليه معا مع الحلفاء".

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، إن محاولة اغتيال سكريبال تعد "هجوما غير مقبول إطلاقا".

وأوضحت الوزارة أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان تحدث مع نظيره البريطاني بوريس جونسون ليؤكد له تضامن فرنسا مع بريطانيا.

وأضافت: "نحن على ثقة كاملة بالتحقيق البريطاني ليتم الكشف عن المسؤول سريعا".

واشنطن

وفي واشنطن، أعربت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، عن "إدانتها الكاملة" لعملية التسميم، إلا أنها لم تشر إلى روسيا. وقالت إن استخدام غاز أعصاب قاتل على أرض بريطانية هو أمر "مهين وطائش وغير مسؤول".

اما وزير الخارجية الأميركي السابق، ريكس تيلرسون، فقد عبر قبل ساعات من إقالته الرئيس دونالد ترامب له، عن ثقته الكاملة بالتحقيقات التي تجريها بريطانيا وتوصلت من خلالها الى أن روسيا "مسؤولة على الأرجح" عن محاولة الاغتيال.

وقال: "لا يوجد أبدا مبرر لهذا النوع من الهجمات ومحاولة قتل مواطن على أرض دولة ذات سيادة"، معربا عن غضبه إزاء "مواصلة روسيا ارتكاب مثل هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار في العالم، والتي تتجاهل سيادة الدول الأخرى وحياة مواطنيها"، مضيفا أن "الولايات المتحدة كانت على اتصال بحلفائها البريطانيين للاطلاع على أحدث تطورات القضية"، بما في ذلك عبر اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني جونسون.

وشدد تيلرسون على ضرورة محاسبة المسؤولين، سواء أولئك الذين ارتكبوا الجريمة، أو الذين أمروا بتنفيذها، مؤكدا تضامن الولايات المتحدة مع حلفائها في بريطانيا ومواصلة تنسيق ردودهما عن كثب.

«ناتو»

وفي بروكسل، أعرب الأمين العام لـ "حلف شمال الأطلسي" (NATO)، ينس ستولتنبرغ، عن "قلق شديد"، مشيرا إلى أن "المملكة المتحدة حليف مهم جدا، وهذا الحادث يثير قلقا شديدا لحلف شمال الأطلسي، ونحن على اتصال مع السلطات البريطانية في شأن المسألة". واعتبر ستولتنبرغ أن "أي استخدام لغاز أعصاب هو عمل مشين وغير مقبول أبدا".