المغردون المرتزقة
وسائل التواصل الاجتماعي اخترعت وطورت وصنعت معدات ومحطات لها لأغراض عديدة؛ أهمها نشر أواصر المحبة بين الناس ونشر المعرفة، واتخاذها وسيلة سهلة ومباشرة للتعبير عن الرأي، كما وفرت الكثير من الجهد والتكاليف على رجال الأعمال في إنجاز أعمالهم. أي أن الغرض منها أن تكون مفيدة، لكن في عالمنا العجيب هناك أناس يحولون كل عمل خير إلى شر، ووجدوا في وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لضرب الآخرين وزرع الفتن، وهؤلاء أوجدوا سوقا رائجاً للمتعطلين وفاقدي الأهلية وعديمي الإحساس؛ ليكونوا أداة لإيذاء الناس ومحاربة الخصوم؛ فأنشؤوا غرف التغريد المأجورة. كانت البضاعة في البداية غير منظمة ومتروكة لذمة المغردين المأجورين، لكن الآن أصبح لها قيادة تتبع صاحب المال الذي يدفع للمأجورين، ويخطط لهم متى موعد الهجوم، وكيف وبأي أسلوب، وأعد معامل لإخراج الصور والأفلام وتزويرها وتركيب القديم على الجديد، وتزوير أصوات ليس لها أساس من الصحة بافتراض أن الجمهور لن يدقق فيما يتلقى، فيقع التأثير المطلوب.
كانت البداية لأفراد متنفذين أو أصحاب مصالح سياسية أو غيرها يلمعون أشخاصا، ويضربون أشخاصا آخرين، ولكنها الآن أصبحت لعبة دول لضرب دول أخرى، أو أصبحت حربا بين قادة لكل منهم جيشه من المغردين المرتزقة.الناس في الكويت فهمت الملعوب، وأدركت كل التفاصيل، ويعرفون بالاسم كل موقع وكل عنوان، ومن يتبع من سواء كان حكومة أو فردا أو حزبا أو قبيلة أو طائفة، وذلك من خلال الهدف الذي تركز عليه التغريدات. لا يمثل بعض المغردين في وسائل التواصل الاجتماعي وحتى ما يكتب في الجرائد ووسائل الإعلام قناعات عامة أو تعبيرا عن رأي عام لأهل الكويت، وإلا لكانت مصيبة، وأننا وصلنا إلى منحدر يصعب الخروج منه، ولكن لا أحد يستبعد تأثير هؤلاء على عامة الناس. وسأضرب مثالا عن شخصية كويتية لو تابعنا ما يكتب عنها لعرفنا مستوى هذا الانحدار، الشخصية الكويتية تلقت من الطعنات والتهجم وتحميلها كل أوزار ومصائب الكويت الكثير، بل إن ما ينسب إليها من تأثير تعدى قدرات الحكومة ومجلس الأمة، وكل عمل تنفيذي أو تشريعي في هذه الدولة، فلم تبق سيئة في الكويت لم يحملوها لهذه الشخصية، حيث تعاونت بل جندت جهات حاقدة على هذه الشخصية كل الوسائل للنيل منها، وكل من له ثأر عند أي كان صار يحمله لهذه الشخصية. وصار يُطعن صاحبها من الحاقدين والحاسدين، بالإضافة للناقدين من أصحاب الرأي الذين وجدوا فيها فرصة مناسبة لضربه بالسهام ما دام توجيه السهام لغيره قد يؤدي إلى مشاكل مع القوانين. قد لا نتفق مع بعض أو كل ما تطرحه هذه الشخصية لكن أن تُحمل كل مشاكل الكويت وتُتهم أنها المدبر والمقنن والمنفذ لكل ما يحدث فهو ظلم واضح، واستخفاف بكل مخلوق على أرض الكويت، فالمحرض على هذه الشخصية والمثير لكل الزوابع ضدها والقائد لفرق الإعدام في وسائل الاتصال الاجتماعي، كل هؤلاء اعتقدوا ويعتقدون أننا من البلاهة بحيث نصدق كل أكاذيبهم، وأننا لا نعرف سبب هذا الهجوم ومراميه. المغردون المرتزقة في ازدياد لكن وعي الناس بوجودهم وعدم إعادة إرسال تعليقاتهم والرد عليهم بكشفهم وإعلان الرفض لألاعيبهم من شأنه القضاء على مواقعهم.