لا تزال أصداء تداعيات إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوزير خارجيته ريكس تيلرسون تتردد في واشنطن وعواصم العالم.

وفي معلومات تؤكد ما نشرته "الجريدة" عن إمكان خروج رئيس جهاز البيت الأبيض جون كيلي، ومساعد الرئيس للأمن القومي هربرت ماكماستر من إدارة ترامب، ذكرت شبكة "سي إن إن" التلفزيونية الأميركية أن إقالة تيلرسون لن تكون الأخيرة في فريق الرئيس الأميركي.

Ad

ورجحت الشبكة أن يبقى كيلي لفترة أطول قليلا، مؤكدة أن "رحيله لا يعتبر أمرا حتميا مثل ماكماستر".

ونقلت "سي إن إن" عن مصادر، أنه يجري حالياً البحث عن بديل لماكماستر، ومن بين الأشخاص الذين قد يشغلون منصبه، مدير وكالة الأمن القومي الأدميرال مايك روجرز.

شولكين

من ناحيتها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن وزير شؤون قدامى المحاربين ديفيد شولكين ربما يكون الوزير التالي الذي يقيله ترامب، وسط توقعات بأن يحل محله وزير الطاقة ريك بيري.

هاسبل

في غضون ذلك، تفاوتت ردود الفعل في شأن تعيين ترامب جينا هاسبل أول امرأة مديرة لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، خصوصا بعد الكشف عن أنها كانت تدير سجناً سرياً في تايلند يشتبه في أنه شهد عمليات تعذيب لسجناء على صلة بالإرهاب.

وعبّر جيمس كلابر، الرئيس السابق لـ CIA عن دعمه لهاسبل، وقال: "أدعمها بالكامل، وأرى فيها قدرات كبيرة، وعملت معها في بعض المناسبات خارج البلاد عندما كنت رئيسا للوكالة، وبرأيي أعتقد أنها ستكون جيدة لهذا المنصب، حيث تنال قدرا كبيرا من الاحترام".

وكان رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ جون ماكين قال إنه يجب دراسة ملف هاسبل بشكل جيد، وعدم السماح باستخدام التعذيب في عمل الوكالة. وأضاف ماكين: "إن تعذيب السجناء في سجون أميركا على مدى العقد الماضي يعتبر من أكثر النقاط سوداوية في تاريخ الولايات المتحدة، وعلى السيدة هاسبل أن تعي ذلك جيدا".

يذكر أن المركز الأوروبي لحقوق الإنسان طلب من السلطات الألمانية إصدار مذكرة اعتقال بحق هاسبل في يونيو 2017، لصلتها بحالات تعذيب بحق سجناء يشتبه في قيامهم بأعمال إرهابية.

الاتفاق النووي

في المقابل، تهدد إقالة تيلرسون من وزارة الخارجية بنسف الاتفاق النووي الإيراني، والتسبب في مزيد من التوتر في علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين الرئيسيين.

ففي 12 مايو، أي بعد شهرين، سيصدر ترامب إعلانا حول مصير الاتفاق. وإذا كانت إقالة تيلرسون تنبئ بأي إشارة، فإنها تلمح إلى أن ذلك الاتفاق في خطر.

وقال ترامب أمس الأول في خطاب بقاعدة ميرامار الجوية في كاليفورنيا "إننا نعمل مع حلفاء وشركاء لمنع إيران من حيازة سلاح نووي والتصدي لرعايتها للإرهاب وإراقة الدماء حول العالم".

وأضاف: "أينما ذهبنا في الشرق الأوسط، كل مشكلة تكون إيران وراءها. ونحن نتعامل مع ذلك بجدية كبيرة. إن أحد أسوأ الاتفاقات التي رأيتها هي الاتفاق الإيراني".

وحض تيلرسون وحليفه في الحكومة وزير الدفاع جيم ماتيس، ترامب على الإصغاء لحلفائه الأوروبيين والمحافظة على الاتفاق، مع السعي في الوقت نفسه لفرض إجراءات قاسية للضغط على إيران.

ومع غياب تيلرسون من الصورة واستبداله ببومبيو المتشدد تجاه إيران، فإن ترامب سيتبع على الأرجح أهواءه الأولى وينسف الاتفاق بالكامل.

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية إن براين هوك، مسؤول الاستراتيجية في فريق تيلرسون، سيزور برلين اليوم للقاء مسؤولين بريطانيين وفرنسيين والمان لمناقشة جهود إصلاح الاتفاق.

ويتضمن ذلك "الإصلاح" تعديل الاتفاق وتوسيعه ليشمل فرض قيود على برنامج إيران للصواريخ البالستية، وإلغاء بند في الاتفاق يسمح لطهران باستئناف بعض عمليات التخصيب في غضون 10 سنوات.

وعبّر المسؤولون الأوروبيون عن بعض التأييد لتلك الأفكار، إذا كانت تساعد على بقاء ترامب في الاتفاق الذي يعتبرونه ضروريا لأمنهم القومي وعملية السلام في الشرق الأوسط، والأهم يؤمن لهم صفقات تجارية ضخمة.

وكانت "الجريدة" قد انفردت بتفاصيل مبادرة حملها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الى المسؤولين الإيرانيين خلال زيارته الى طهران قبل أيام، لكن بعد مغادرة الوزير الفرنسي أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي رفضه للمبادرة.

وقبل أيام لفتت تقارير إسرائيلية الى أن ترامب وعد الأسبوع الماضي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال لقائما في واشنطن، بأنه لن يقبل باتفاق مكمّل وسيعارض "التعديلات التجميلية" الأوروبية، ويريد "إعادة صياغة كبيرة" للاتفاق النووي نفسه، وهذا من شأنه بالتأكيد أن ينسف الاتفاق، إذ ترفض طهران إعادة التفاوض.

تيلرسون

وفي أول حديث بعد إقالته، أعلن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أنه سيعمل على نقل سلس لسلطاته إلى خلفه، وسيغادر منصبه في نهاية الشهر.

ردود فعل

وفي موسكو، قال الناطق باسم "الكرملين" ديمتري بيسكوف: "لا يمكن أن تصل الأمور الى ادنى ما هي عليه، بالتالي من غير المرجح أن تكون أسوأ". أضاف: "في مطلق الأحوال، يبقى الأمل قائما بمقاربة بناءة للعلاقات الثنائية، هناك أمل على الدوام".

أما في طهران فقال الناطق باسم وزارة الخارجية، بهرام قاسمي، "إنها قضية داخلية للولايات المتحدة ولا تهمنا".

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء "إيسنا"، إن "الولايات المتحدة مصممة على الانسحاب من الاتفاق النووي، والتغييرات داخل وزارة الخارجية أجريت لهذه الغاية، أو على الأقل هذا أحد أسبابها".

وفي أنقرة، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن العلاقات القائمة بين بلاده والولايات المتحدة ليست مرتبطة بأشخاص ولا آرائهم الشخصية.

وأعرب عن أمله في أن يتمكن الجانبان من بناء علاقات سليمة خلال الفترة المقبلة.

من ناحيته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تركيا تريد مواصلة علاقة تقوم على التفاهم مع وزير الخارجية الأميركي المقبل، مايك بومبيو، لكن عليه أن يتعلم ضرورة احترام أنقرة.

وخلال مؤتمر صحافي في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف قال أوغلو إن المحادثات التي كانت مقررة بين الولايات المتحدة وتركيا حول سورية يوم 19 مارس يمكن أن تؤجل بسبب إقالة تيلرسون.

وفي طوكيو، أكد كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا في مؤتمر صحافي، أن إقالة تيلرسون لن تؤثر سلبا على التنسيق "الوثيق" بين طوكيو وواشنطن حول قضايا كوريا الشمالية.

وفي سيول، أعلنت وزارة الخارجية، أن الوزيرة، كانجغ كيونغ-وها، قررت زيارة واشنطن لبحث قضية كوريا الشمالية رغم إقالة تيلرسون.

وفي بكين، قال الناطق باسم وزارة الخارجية، لو كانغ، إن بلاده تأمل في مواصلة العمل مع الولايات المتحدة على القضايا الساخنة، كما تأمل في الإبقاء على الإرادة السياسية لإجراء محادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ.

الجدار

من ناحية أخرى، عاين الرئيس الأميركي في سان دييغو ثمانية نماذج للجدار الذي يريد تشييده على طول الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية، وتنفيذا لأحد أبرز وعوده الانتخابية إثارة للجدل خصوصا في كاليفورنيا.

وقال ترامب إن الأسوار الموجودة حاليا "تعترض بين 90 و95 في المئة من المهاجرين الذين يريدون العبور الى الولايات المتحدة من المكسيك، و"عندما نشيد الجدار الفعلي سنعترض 99 في المئة وربما أكثر".

وبعد زيارته، توجه ترامب بتغريدة الى أعضاء الكونغرس قائلا: "على الكونغرس تمويل الجدار على الحدود، ومنع الدعم الحكومي للملاذات التي تهدد أمن بلادنا، واحترام قوانيننا وحماية شعبنا! ابنوا الجدار".