«حماس» تنهي التفاوض مع حركة فتح!
رغم مشاركتها السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالطبع حركة فتح ومنظمة التحرير، في رفض اجتماع واشنطن، الذي دعت إليه إدارة دونالد ترامب الأميركية، فإن مفاوضات تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ارتطمت قبل أيام بجدارٍ صواني أصم، فحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أوصدت الأبواب كلها أمام هذه المفاوضات، التي أرادتها سابقاً لتحاشي أي صدام مع مصر، وأيضاً أي صدام مع الولايات المتحدة، التي أرادت هذه المفاوضات، وعملت على إنجاحها لإزاحة عقبة الانقسام الفلسطيني من أمام مبادرة الرئيس الأميركي الذي طرح ما أطلق عليه "صفقة العصر"، لإيجاد نهاية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، الذي هو آخر صراع من هذا النمط في الكرة الأرضية.لم يُنشئ التنظيم العالمي للإخوان المسلمين هذه الحركة "حماس" إلا بعد 22 عاماً، لاعتقاده بأن الخروج من لبنان وبيروت عام 1982 أنهى منظمة التحرير وأنهى حركة فتح، وأنها ستكون الوريث والبديل الشرعي لهذه المنظمة ولهذه الحركة وللثورة الفلسطينية كلها، ولعل ما يؤكد هذه "الاستراتيجية" أن "الإخوان"، الذين أقنعوا أميركا ومعها بعض الدول العظمى الفاعلة، بأنهم الجهة الوحيدة عربياً وإسلامياً القادرة على مواجهة التيارات الإسلامية المتطرفة، كادوا يستكملون هيمنتهم على مصر، والانطلاق منها نحو هذه المنطقة، لولا الموقف الحاسم الذي اتخذه الشعب المصري بكل فئاته وأحزابه وتوجهاته.
كان هؤلاء يعملون ويخططون لأن تكون الخطوة الثانية بعد مصر باتجاه الأردن والقضية الفلسطينية، ويقيناً لو أنهم نجحوا في مخططاتهم هذه لكانت هذه المنطقة الآن في أيديهم، ولأصبح حل القضية الفلسطينية على أساس حل خلافات شعوب ودول الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، ولكانت قضية الشعب الفلسطيني، التي هي قضية العرب والمسلمين، انتهت نهاية مأساوية وكما يريد الإسرائيليون.لقد رفض الإخوان المسلمون الثورة الفلسطينية مباشرة بعد صدور بيان حركة "فتح" – العاصفة – رقم "1" في الفاتح من عام 1965، واتهموها بالشيوعية والإلحاد، وبالسعي إلى توريط العرب والمسلمين في حرب غير متكافئة "مع العدو الصهيوني"، ولعل ما لا تعرفه هذه الأجيال الشابة أنهم أطلقوا على "حركة التحرير الوطني الفلسطيني" الحركة التوريطية، وقالوا فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر.لقد كان "أبوعمار"، رحمه الله، يحرص وخاصة بعد الخروج من بيروت، على الوحدة الوطنية، وحاول استدراج "حماس"، بعد تأسيسها بعام واحد، لحضور المجلس الوطني الفلسطيني، الذي عقد في الجزائر عام 1988، ليُظهر أن الفلسطينيين موحدون بكل قواهم، وأن الاعتراف بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 هو اعتراف فلسطيني، وأن الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة هي دولة للفلسطينيين كلهم بكل قواهم وتنظيماتهم المقاتلة وغير المقاتلة... لكن التنظيم العالمي الإخواني رفض هذا رفضاً مطلقاً، بل وبادر، من خلال فروعه المتعددة، وفي مقدمتها إخوان مصر، وإخوان الأردن، بشن حملة إعلامية هائلة على ذلك المجلس وقراراته ومنظمة التحرير وحركة فتح والرئيس الراحل أبو عمار شخصياً، رحمه الله.