تشهد مصر عودة واعدة للسياحة، بعد سنوات من انعدام الاستقرار، بسبب أزمات سياسية وهجمات جهادية وجهت ضربة قوية لهذا القطاع، وقد يشكل هذا الانتعاش خبرا سارا للرئيس عبدالفتاح السيسي، عشية الانتخابات الرئاسية، وكان اعتبر عودة السياحة مسألة وجودية.

في مدينة الغردقة، المطلة على البحر الأحمر، وبين السياح المستلقين على الشاطئ، الدنماركي بينت سكوفبو (77 عاما) الذي زار مصر أكثر من 75 مرة، وقال سكوفبو، الذي اتخذ اسما مصريا له، سمير، "اذا كان هناك فقط البحر الأحمر للغطس فسآتي، لكن هناك أيضا الاهرامات في القاهرة ومعابد الأقصر والنيل وأسوان... والناس ودودون جدا".

Ad

وتراجعت السياحة منذ ثورة 2011، التي اطاحت حسني مبارك، لكنها تلقت ضربة قاصمة عقب إسقاط تنظيم "داعش" الدولة الاسلامية عام 2015 طائرة روسية بعد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ، ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها.

ويرى السيسي، الذي يخوض انتخابات الرئاسة المقررة في 26 مارس، بلا منافس حقيقي، والذي تعهد بالقضاء على الجهاديين، أن مثل هذه الهجمات تشكل تهديدا وجوديا للدولة.

ومطلع هذا العام، صرح السيسي: "عندما أقول إن الهدف هو إسقاط الدولة، فيجب أن تعرفوا كيف يحدث هذا. عندما يستهدف قطاع معين فإنه (المهاجم) يعرف ماذا يفعل".

وأفاد مديرو الفنادق ومراكز الغوص ورجال الأعمال وشركات السياحة بأن هناك ارتفاعا في معدلات إشغال السائحين وفي الحجوزات، خصوصا في الغردقة ومرسى علم (على البحر الأحمر جنوبا).

وذكر الرئيس التنفيذي لشركة ترافكو المصرية، الشريك المحلي لشركة "تي يو آي"، التي تعد من أكبر شركات السياحة والرحلات في العالم، "هناك زيادة كبيرة في الحجوزات هذا العام، والطلب على مصر قوي جدا، خصوصا من جانب الألمان".

ويؤكد محمد أبوستيت، المدير العام لجزيرة المحمية، وهي محمية طبيعية تعد من أهم الاماكن التي يزورها السياح، أن "شركات السياحة والفنادق تحاول تحسين الصورة، وتصرف الكثير (من المال) في حملات إعلانية بالخارج".

والمحمية هي منتجع مساحته 10 آلاف متر مربع في جزيرة الجفتون، ويستقل الزوار مركبا للوصول إلى الجزيرة، حيث يمضون اليوم على الشاطئ، ويمارسون الغطس أو السباحة، ثم يعودون ليلا الى مدينة الغردقة.

وتعد صناعة السياحة مقياسا للاستقرار الذي وعد السيسي بإعادته الى البلاد، بينما توعّد تنظيم الدولة الإسلامية المحاصر الآن في سيناء، بضرب السياح.

وقال هشام الدميري، رئيس هيئة تنشيط السياحة، إن العام التالي على إسقاط الطائرة الروسية، اي عام 2016، "كان واحدا من اسوأ الأعوام التي مرت على السياحة المصرية".

وزار مصر في ذلك العام 5.4 ملايين سائح مقارنة بـ14.7 مليونا عام 2010، ما دفع شركات السياحة والفنادق إلى التركيز على زيادة التعاقد مع وكلاء سفر من خارج روسيا.

وكان القطاع، الذي يوظف الملايين من العمال، ويعتبر مصدرا مهما للنقد الاجنبي، تكبد خسائر فادحة بسبب انخفاض عدد السياح، إذ انخفضت إيراداته الى 3.8 مليارات دولار في العام المالي 2015-2016، مقارنة بـ11.6 مليارا في العام المالي 2009-2010، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وبلغ عدد السياح الذين زاروا مصر العام الماضي 8.3 ملايين شخص، بحسب الارقام الرسمية.

ومع تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر بعد ثورة 2011، كان انخفاض عائدات السياحة كذلك من أسباب أزمة النقد الأجنبي التي دفعت الحكومة المصرية إلى تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016.

ولم يركز السيسي، وهو عسكري سابق انتخب في عام 2014، عقب إزاحته الرئيس الإسلامي محمد مرسي بعد تظاهرات كبيرة طالبت برحيله، على عودة السياحة في حملته الانتخابية، لكنه يؤكد باستمرار أن جهود حكومته لـ"محاربة الارهاب" تستهدف إعادة الاستقرار الى البلاد.

ولم يصل الانتعاش بعد إلى شرم الشيخ ومنطقة جنوب سيناء، في الوقت الذي تحارب السلطات الجماعات الجهادية المتطرفة في شمال سيناء، حيث يتمركز الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية.

ويؤكد الدميري أن "المنطقتين الاكثر تأثرا (بتراجع أعداد السياح) هما مدينة شرم الشيخ وجنوب سيناء، بسبب توقف توافد السياح من سوقين رئيسيين هما البريطاني والروسي".

وأعلنت شركة الطيران الروسية "ايروفلوت"، الثلاثاء، استئناف رحلاتها المباشرة بين موسكو والقاهرة في 11 أبريل.

ومن المتوقع ان تستأنف شركة مصر للطيران رحلاتها الى موسكو قريبا، ومع أنها لم تعلن ذلك رسميا الا ان موقع مطار دوموديفو في موسكو أدرج رحلات للشركة المصرية ابتداء من 22 مارس الجاري.