عقب يوم على إعلانها عقوبات قاسية على روسيا أبرزها طرد 23 دبوماسياً روسياً من لندن وقطع العلاقات الثنائية، كشف وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أمس، عن بدء الشرطة البريطانية تحقيقات تستهدف رجال أعمال روس فاحشي الثراء يقيمون في لندن على علاقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما قد يطلق حرباً اقتصادية بين البلدين إذ إن هناك استثمارات بريطانية كبيرة في روسيا.

وقال جونسون: «ما يرغب الناس في رؤيته هو بعض الأشخاص فاحشي الثراء المرتبطين مباشرة بفلاديمير بوتين... الذين يمكن أن يكون السبب في ثرواتهم، والذين ربما تستطيع أجهزة القانون والشرطة أن تصدر أوامر ضدهم تتعلق بحيازتهم ثروات لا تفسير لها، لتقديمهم للعدالة بسبب ما ارتكبوه من فساد شديد».

Ad

وخلال الأعوام الماضية، اجتذبت لندن مئات رجال الأعمال الروس فاحشي الثراء، الذين باتوا يتحكمون ببعض مفاصل الحياة بسبب نفوذهم المتأتي من دفع الأموال.

وفي حديث مع «هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قال جونسون، إن روسيا تمضي بعيداً في الاتجاه الخاطئ، مضيفاً أن «بوتين ينظر حوله ويرى حلف شمال الأطلسي على حدود ما كان الاتحاد السوفياتي وهذا الأمر يسبب مشاكل».

وعلى غرار الولايات المتحدة، أعلنت فرنسا أنها «تؤيد استنتاج» لندن حول مسؤولية موسكو في قضية تسميم الجاسوس الروسي بعد إطلاعها على أدلة بريطانية.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، إنه سيعلن «في الأيام المقبلة» إجراءات ضد روسيا.

ودان الرئيس الفرنسي «بأكبر قدر ممكن من الحزم» هذا الهجوم، موضحاً أن «كل شيء يحمل على الاعتقاد بأنه يمكن أن ينسب إلى روسيا». وأجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الفرنسي ناقشا خلاله الهجوم.

مجلس الأمن

وأمس الأول، وخلال اجتماع لمجلس الأمن، عقد بطلب عاجل من لندن، عبرت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي «عن تضامنها مع بريطانيا» قائلة أيضاً إن روسيا «مسؤولة» عن عملية التسميم.

بدوره، أعلن مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة جوناثان الين:»لا توجد هناك نتيجة بديلة سوى تحميل روسيا مسؤولية الشروع في قتل سكريبال وابنته، وتهديدها لحياة المواطنين البريطانيين الآخرين فى مدينة سالزبري» جنوب بريطانيا، التي جرى فيها الهجوم في 4 الجاري.

هذه الاتهامات رفضها جملة وتفصيلاً السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا، الذي اتهم بدوره لندن «بشن حرب دعائية» ضد موسكو. وقال نيبنزيا، إن رئيسة الوزراء البريطانية تخلق «مناخاً هستيرياً».

بيان رباعي

ووصف بيان صدر عن قادة أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واقعة تسميم سكريبال «بأول استخدام هجومي لغاز أعصاب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية»، وأضافت الدول الأربع «هذا الهجوم يهدد أمننا جميعاً».

وتابع البيان أن الهجوم «يمثل اعتداء على سيادة المملكة المتحدة، وأي استخدام من هذ القبيل من جانب أي دولة يمثل انتهاكاً واضحاً لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية وخرقاً للقانون الدولي».

وأوضح «أن بريطانيا أخبرت حلفاءها أن من المحتمل بصورة كبيرة أن روسيا كانت مسؤولة عن الهجوم (...) نحن نشارك المملكة المتحدة في تقييمها بأنه لا يوجد أي تفسير واضح بديل، ونشير إلى أن عدم رد روسيا على الطلب المشروع الذي تقدمت به حكومة بريطانيا يؤكد بصورة أكبر مسؤوليتها».

لافروف

من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، أن بلاده ستبلغ بريطانيا أولاً بأي إجراءات للرد عليها فيما يتعلق بقضية سكريبال ثم تعلنها على الملأ.

ويبدو تصريح لافروف متناقضاً مع تعليق سابق نقلته عنه وكالة الإعلام الروسية تحدث فيه عن طرد دبلوماسيين بريطانيين.

وأكد لافروف مجدداً موقف موسكو من هذه القضية، قائلاً إن المزاعم البريطانية ضد روسيا «فجة بكل ما في الكلمة من معنى».

واعتبر أن الدافع وراء تسميم العميل المزدوج ربما كان يهدف إلى تعقيد استضافة روسيا لنهائيات كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف. وأمل لافروف تعافي سكريبال حتى يتمكن من المساعدة في توضيح ما حدث.

زاخاروفا

من جهتها، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن «الغرب يحاول الربط بين قضية تسميم سكريبال، وهجمات كيماوية يشاع عنها في سورية».

أضافت: «يقولون إن دمشق تستخدم الأسلحة الكيماوية، وروسيا تدعمها في ذلك، في حين الهدف النهائي من وراء ذلك، أن موسكو استخدمت المواد الكيماوية على الأراضي البريطانية».

وتابعت: «انظروا إلى هذا التطابق الممتاز، وإلى أين تؤدي كل هذه التكهنات! إن أحد أهداف هذه الحملة، هو ربط كل هذه العناصر في كتلة واحدة وحياكة ملف كيماوي سوري روسي متكامل. هذا جزء من خطة مدروسة ومعقدة».

وقالت المتحدثة، إن «إجراءات الرد في هذه المرحلة قيد الاعداد وستتخذ قريباً» منددة «باتهامات سخيفة ضد روسيا وكل شعبها»، لكنها أكدت في الوقت نفسه، إن موسكو لا تزال مُستعدة للعمل مع لندن في شأن التحقيق.

وكتبت زاخاروفا عبر حسابها على «فيسبوك»، «على ما يبدو أن وزير الدفاع البريطاني أعلن أن روسيا يجب ألا تتخذ إجراءات الرد، بل عليها أن تتنحى وتخرس. وماذا يمكن أن يقول وزير الدفاع في بلد يخفي ظروف استخدام المواد السامة على أرضه ولا يرغب في نقل المعلومات المتاحة، كما يلزم بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية؟ لدى لندن ما تخفيه، الشركاء متوترون».

الكرملين

وندد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بموقف لندن «غير المسؤول على الإطلاق» بعد إعلان رئيسة الوزراء البريطانية سلسلة عقوبات ضد روسيا بينها طرد 23 دبلوماسياً روسياً وتجميد العلاقات الثنائية وتخفيض مشاركتها في كأس العالم لكرة القدم.

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن إجراءات الرد «لن تتأخر بالطبع، القرار سيتخذه الرئيس وليس هناك من شك بأنه سيختار الأفضل لمصالح روسيا». وأضاف: «نحن بالطبع قلقون إزاء هذا الوضع» معتبراً أنه يحمل «كل مؤشرات الاستفزاز».