النار تبدأ بالشرر
شهدت الساحة الدولية هذا الأسبوع عدة أحداث ساخنة، بعضها كان مفاجئاً، ولعل من أبرزها القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب والخاص بعقد مباحثات مع رئيس كوريا الشمالية، رغم أن الزعيمين قبل أسابيع كانا يتبادلان الشتائم والتراشق بأشد العبارات، فعندما صرح زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بأنه يملك زراً نووياً على مكتبه رد عليه ترامب بأنه هو الآخر لديه زر نووي، لكنه «أكبر وأقوى بكثير» مما لدى غريمه، وعندما وصف كيم جونغ أون ترامب بأنه عجوز ومجنون رد عليه ترامب بأنه لن يقول له إنه «سمين وقصير»، ثم فجأة أعلن ترامب عن عقد قمة مع زعيم كوريا الشمالية في مايو المقبل، وأنه سيحاول أن يكون صديقاً للزعيم كيم جونغ أون، لأن ذلك سيكون فيه خير للعالم كله، وربما يحدث هذا قريباً لينطبق عليهما المثل الذي يقول «ما محبة إلا بعد عداوة».الحدث الثاني الساخن بطله أيضاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أقدم على إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون لأسباب قال إن من أهمها اختلاف رؤيتيهما حول عدد من القضايا أهمها الملف النووي الإيراني، ثم أقال ترامب مساعد وزير الخارجية ستيف غولدستني لأنه لم تعجبه الطريقة التي أقيل بها تيلرسون من منصبه، فعلق على ذلك بتغريدة، فتمت إقالته، كما أقال ترامب مساعده الخاص جون ماكنتي بسبب قضايا أمنية، وكل ذلك في يوم واحد، مما أثار دهشة المراقبين الذين اعتبروا ذلك، إما قوة في شخصية ترامب أو جنوحاً وتهوراً وخروجاً عن النص، وفي كل الأحوال لا ناقة لنا نحن ولا جمل، ولا يهمنا أسماء من يتولون وإنما المهم السياسات التي يجب أن تكون متوازنة وعادلة لدولة بحجم الولايات المتحدة الأميركية التي يقع على كاهلها حل الكثير من المشاكل والأزمات في المنطقة والعالم.
أما الحدث الثالث والأكثر سخونة هذا الأسبوع فيتعلق بالتطورات المتلاحقة في قضية الجاسوس الروسى السابق سيرجى سكريبال والذي تتهم بريطانيا المخابرات الروسية بمحاولة اغتياله عبر عملية تسمم حيث استدعت بريطانيا سفيرها في روسيا وطردت 23 دبلوماسياً روسياً إضافة إلى التأكيد على عدم حضور أي فرد من العائلة المالكة أو وزراء بريطانيين مباريات كأس العالم لكرة القدم التي ستقام في روسيا هذا الصيف، كما دخل حلف الأطلسي على الخط، حيث وصف حادث التسمم بأنه انتهاك فاضح للاتفاقات الدولية الأمر الذي أثار علامات استفهام حول كل هذه الضجة التي قامت فيها الدنيا ولم تقعد بسبب شخص واحد تعرض للتسمم، وهو في النهاية «جاسوس»، في حين يقتل عشرات الأبرياء يومياً ومعظمهم من الأطفال في سورية دون أن يحرك أحد ساكناً، وإن كان البعض يفسر ما حدث بأن المملكة المتحدة أخذت هذا الموضوع على محمل الجد واعتبرته إهانة لها واختراقاً لأمنها، وكان لابد أن يكون لها رد قوي، وأن الأيام المقبلة ستشهد العديد من الإجراءات، إما في اتجاه التصعيد أو التهدئة والبحث عن خروج من هذه الأزمة.