أفاد تقرير مركز الشال الاقتصادي الأسبوعي بأن نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، ووزراء الاختصاص، أي وزراء المالية والاقتصاد والتجارة، قدموا رؤاهم حول مشروع الاستدامة المالية والاقتصادية، "وسنعرض في ثلاث فقرات متتابعة في ثلاثة أسابيع وجهة نظرنا حول رؤى كل وزير اختصاص". وتابع التقرير: "في التعليق العام، نحن نعتقد أن ما تم تقديمه من مبادئ وأهداف عامة صحيح، فالاستدامة هي الهدف الرئيسي في أي اقتصاد، وما لم نضمن الاستدامة يتحول الوضع إلى تهديد مؤجل للاستقرار من كل زواياه، وتقديم استدامة المالية العامة صحيح، لأن تعثرها يعني تعثرا لكل ما عداها، فهي الحريق في وقتنا الحاضر بعد ما حدث من تدهور لأسعار النفط".
واضاف ان "ما تعرض له المشروع لما عداها صحيح أيضا، فهو باختصار يستهدف ردم الفجوات للاختلالات الهيكلية الأربعة، فإلى جانب المالية العامة يهدف إلى إصلاح الخلل الإنتاجي الهيكلي الناتج عن الهيمنة الطاغية والمكلفة والرديئة للقطاع العام في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بالعمل على دعم معدلات نمو أعلى لمساهمة القطاع الخاص".
خلل مالي
كما يستهدف ردم الخلل في ميزاني العمالة والسكان. إذا، المنهج صحيح، والأولويات، وإن تزامنت مع بعضها، إلا أن الخلل المالي يتصدرها، وهي صحيحة، وربط ما تقدم بمدى زمني لتحقيقه وإجراءات تنفيذية له، صحيح، ويبقى التحدي الحقيقي والأزلي، هو الالتزام بتطبيق ما ورد في المشروع. ولنبدأ بالخلل المالي، فقد قام وزير المالية بعرض رؤاه حوله، وقد وفق بالعرض، فهو مثلا حدد حجم العجز المالي بما لا يزيد على 3 مليارات دينار خلال مدى زمني ينتهي في السنة المالية 2020-2021، والالتزام بسقف للعجز يتطلب ضبطا للنفقات العامة من جانب، وهي حاليا رديئة وغير منتجة، وتتطلب من جانب آخر زيادة الإيرادات غير النفطية.واستعرض الوزير رؤاه لضبط النفقات العامة، سواء تلك التي تتعلق بالمشروعات المكلفة والمتأخرة، أو تلك التي تتعلق بالمشتريات، أو حتى دراسة واقع النفقات الحالية وحجم الهدر فيها وضمنها ترشيد الدعوم وتوجيهها لمستحقيها.الإيرادات
وفي جانب الإيرادات، تحدث وزير المالية عن خصخصة بعض المشروعات وبعض أراضي الدولة غير المدرة للدخل وزيادة رسوم حقوق الانتفاع منها، ولم يتعرض للضرائب رغم أنها مستحقة، وتحدث عن إصلاح طرق إعداد الموازنة العامة، وعمر طرق إعدادها 40 سنة، ووعد بمشروع قانون جديد جاهز، وتحدث عن قصور الإدارة المالية على مستوى وزارة المالية وخارجها، وهو أمر يحتاج إلى تطوير، وتحدث عن التخطيط المالي متوسط الأجل وهو هدف مستحق وصحيح أيضا. الواقع أن كل ما ذكر مستحق وصحيح، ومشكلة الكويت ليست في وزراء الاختصاص، فقد قدمت الكويت على مر الزمن أفضل ما لديها من بشر لتلك المناصب، المشكلة الحقيقية تكمن في إمكانات التطبيق، وقرارات التطبيق ليست في يد وزراء الاختصاص. فالحكومة تستدير 180 درجة عن كل تعهداتها مع أول مواجهة، فأهداف استدامة اقتصاد ومالية البلد، تتساقط ومعها وزراء الاختصاص إن تعارضت مع هدف استمرار الحكومة. ولابد من التذكير بأن تسويق متطلبات الاستدامة على الناس لن يتحقق ما لم تكن البيئة الحاضنة لها سليمة، وتخلف الكويت في مؤشرات تلك البيئة عقبة لا يمكن تجاوزها، ورد الفعل الأخير للحكومة بتشكيل لجنة عريضة لمواجهة تخلف الكويت في مؤشرات الفساد ليس إلا محاولة لشراء الوقت، بينما المطلوب فعل صارم في قضية فساد واحدة كبرى وفاضحة.