ترامب يزحف إلى كيم جونغ!
رغم الاختلاف العام مع سياسات الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وطبيعة النظام الدكتاتوري في بيونغ يانغ، لكنه أخضع واشنطن، وجعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجلس على جمر لعدة ساعات في البيت الأبيض، انتظاراً لخبر مفرح – كما أسماه هو في تغريدة على "تويتر"- بقبول كيم جونغ لقاءه في مايو المقبل، والذي قال أيضاً ترامب إنه "يتشرَّف" بلقاء الزعيم الكوري الشمالي.ترامب الذي ملأ الدنيا قبل عدة أشهر بالتهديد بمسح كوريا الشمالية من الوجود، عرف ربه، لما علم أن ثمن ذلك سيكون تدمير غرب الولايات المتحدة وكوريا واليابان بالأسلحة النووية التي يمتلكها كيم جونغ، وكان يبحث عن مخرج من أزمته تلك، ليذهب زاحفاً للقاء كيم دون شروط مسبقة وبهالة من الترحيب لم يستخدمها الرئيس الكوري، الذي يعتبر بالمقاييس العالمية الاقتصادية والعسكرية والديموغرافية الطرف الأضعف.
لكنها لغة القوة التي تملكها بيونغ يانغ، ولا يستطيع ما يُسمى بالمجتمع الدولي أن يتلاعب بها، أو يهضم حقوقها، بينما العرب خلعوا منذ بداية السبعينيات "البدلة الكاكية" واستبدلوها بـ"الجينز"، واستبدلوا أسوار المقاومة بـ"الانفتاح"، ليأكلوا "الهامبرغر"، ويشربوا "الكولا" و"الموكا"، ويدخنوا السيجار، فتفرقوا وزادوا فقراً، رغم ثرواتهم الهائلة، واستخدموا في معارك القوى العظمى في أفغانستان، دون ناقة أو جمل لهم فيها، والآن يتم الاستفراد بهم، دولة بعد الأخرى، لاحتلالهم، وتغيير خرائط أوطانهم.ربما البعض سيقول إن نمط المقاومة والصمود فشل في فنزويلا أمام شركات النفط الأميركية، وها هي فنزويلا تفلس وتتمزق، والحقيقة أن مشكلة فنزويلا هي اختراق الأميركيين للقوة المسلحة الفنزويلية التي استنزفت النظام بانقلابات متتالية، وارتباط النظام الاقتصادي الفنزويلي سابقاً بالشركات الكبرى متعددة الجنسيات، التي قوَّضت النظام المالي والمصرفي الفنزويلي من الداخل.وبصفة عامة، فإن الأزمة الكورية الشمالية أظهرت أن القوة هي العامل الأساسي في العلاقات الدولية، وما كان يُسمى بالنظام الدولي الجديد المرتكز على المنظمات الدولية والديمقراطية وحقوق الإنسان قد انتهى، وخاصة بعدما آلت له القضيتان السورية والفلسطينية، وربما تسعى طهران إلى تتبع النموذج الكوري الشمالي، فيصحو العالم يوماً من الأيام على خبر تجربة نووية إيرانية تأخذ المنطقة كلها إلى مسار آخر وموازين جديدة إقليمية ودولية.