المعارضة تذبح نفسها!
إنها كذبة من العيار الثقيل، لا يمكن أن يصدقها حتى أصحاب أنصاف العقول، فادّعاء الروس على مستوى وزارة الدفاع وأعلى بأن المعارضة السورية، سواء في الغوطة الشرقية المحاصرة حتى "شوشة" رأسها، أو في الجبهة الجنوبية، تُعِدُّ لاستخدام المواد الكيماوية وإلصاق تهمة استخدامها بنظام الأسد وقواته، وبالميليشيات المستوردة التي تقاتل معه منذ سنوات طويلة- هو محاولة فاشلة للتهرب من حقيقة أنهم متورطون في استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً، وأنهم في النهاية سيدفعون الثمن باهظاً وفي فترة قريبة.ربما تمر هذه الكذبة على من لديهم الاستعداد مسبقاً لتصديقها بالنسبة للغوطة الشرقية، التي لم يبق فيها "حجرٌ على حجر"، كما يقال، أما أنْ تشمل وزارة الدفاع الروسية ومعها الأعلى منها كثيراً بهذا الادعاء المكشوف، الجبهة الجنوبية التي يرابط في الأجزاء الأساسية منها الجيش الحر المعروف عنه الالتزام باتفاقات لم يُخِلّ بها إطلاقاً؛ فإن هذا "تغميسٌ خارج الصحن"، كما يقال، لا بل إنه كذبة واضحة وضوح الشمس ومكشوفة.
الادعاء الروسي يقول إن الأميركيين هم الذين زوّدوا المعارضة السورية والجيش الحر بهذه الأسلحة، التي ثبت أكثر من ألف مرة أن النظام السوري قد استخدمها بعلمهم ومعرفتهم، وربما بمشاركتهم أيضاً منذ فترة مبكرة، وحتى الآن... والحقيقة أنه بالإمكان الاستعانة بالأمم المتحدة وبخبرائها للتأكد من هذا الادعاء الذي من الواضح جداً أنه غير صحيح على الإطلاق، وأن كل من سمعه لا بد أنه قد أطلق قهقهات مدوية حتى الاستلقاء على ظهره!والآن، فإنه غير مستبعد أن يقول الروس وأن يدّعوا أن الذي حاول اغتيال جاسوسهم السابق وابنته في بريطانيا هو المعارضة السورية، وهو الجيش الحر، وهو أحد الأطفال السوريين الذين يفرّون هرباً من القذائف التي تطاردهم في الغوطة الشرقية المدمّرة التي أصبحت أكواماً من الحجارة والأتربة، والتي يتولّى الروس محاولات إلحاقها بحلب وبغيرها من المدن، التي ستنهض بالتأكيد ذات يوم من تحت الأنقاض وتحاسبهم على كل ما فعلوه في بلد كان أول من استقبلهم في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة في عام 1949، عندما كان هناك شيء اسمه الاتحاد السوفياتي.إن الذي ثبت، بالأدلة القاطعة، هو أن الذي استخدم هذه الأسلحة المحرمة دولياً هو نظام بشار الأسد، وحراس الثورة والميليشيات الإيرانية، وأنه لا يمكن ارتكاب كل هذا الذي يرتكب في سورية، من دون علم روسيا وقاعدة "حميميم" وقاعدتي بانياس وطرطوس... ثم إنه لا يمكن تصديق أن الجاسوس الروسي قد اختنق ومعه ابنته برشقةٍ من العطور الفرنسية، وليس بغاز الأعصاب الذي هو ماركة مسجلة لـ"الكي.جي.بي" سابقاً ولاحقاً حتى الآن!