كرة القدم الإيطالية... وشكوك حول فضيحة جديدة
أثارت بعض مباريات الدوري الإيطالي في الموسم الحالي حالة من الشك فيما يخص احتمال وجود تلاعب بالنتائج، واشتراك لاعبين وإداريين في المراهنة على هزيمة أنديتهم، ويبدو أن الكرة الإيطالية قد تسقط مجدداً في فخ الفساد، الذي طالما كان قريناً لها منذ سنوات طويلة.
منذ سنوات طويلة تعيش كرة القدم الإيطالية حالة من الفساد الاداري بشكل عام، ولعل قضية "الكالتشيو بولي" عام 2006 أكبر دليل على عمق هذه المشاكل غير المتناهية.ومنذ الفضحية المدوية عام 2006 التي هبط على أثرها نادي يوفنتوس إلى دوري الدرجة الأولى وجُرد من لقبين، بالإضافة إلى عدد من العقوبات المالية وخصم عدد من النقاط على بعض الأندية الاخرى، من بينها إي سي ميلان ولاتسيو، لاتزال كرة القدم الايطالية محاطة بعواصف الفساد التي ادت الى تراجع المستوى العام لبطولة الدوري الإيطالي لكرة القدم، التي ابعدت كبار الاندية عن منصات التتويج منذ عام 2010، عندما توج انتر ميلان بلقب دوري ابطال أوروبا.وشهدت الكرة الإيطالية العديد من حالات الفساد الرياضي، ففي عام 1980 كانت فضيحة "كالتشيو بولي" الأولى، ومن بعدها قضية "توتونيرو"، التي تسببت لاحقا بإيقاف هداف مونديال 1982 باولو روسي، ثلاثة أعوام، ثم تخفيف العقوبة إلى عامين، وإنزال ميلان إلى الدرجة الثانية.
وأخيرا عام 2012، حين هزت كرة القدم الايطالية فضيحة جديدة بعنوان "كالتشيو كوميسي" الثانية المتعلقة بالمراهنات على نتائج المباريات، وذلك بعد الاولى عام 1964، ولعل اعتراف أندريا ماسييو مدافع أتالانتا الذي دافع عن ألوان باري عام 2011، بعد أن ذكر أنه تم التلاعب بنتيجة باري مع أودينيزي (3-3) من أجل أن تشهد المباراة ستة أهداف، وكانت السلطات القضائية ألقت القبض على ماسييو صباح الثاني من أبريل 2012، لأنه ضمن المتورطين في لعبة المراهنات، ولاحتمال تورطه في شراء 9 مباريات لباري.واعترف ماسييو على سبيل المثال بأنه سجل متعمدا هدفاً في مرمى فريقه خلال لقاء الديربي مع ليتشي الذي انتهى بنتيجة (صفر-2)، لكن هذه الفضيحة ظهرت إلى العلن قبل إيقاف اللاعب، وبالتحديد في يونيو 2011 حين ألقت الشرطة القبض على قائد اتالانتا كريستيانو دوني الذي حظي في بادئ الأمر بدعم جمهور فريقه، قبل أن تشن عليه هجوما عنيفا ووصفه بأبشع الالفاظ.وكان من بين المتورطين انذك نجم لاتسيو والمنتخب الإيطالي سابقا جوزيبي سينيوري، وذلك بعد اعتراف المقدوني كريستيان ايلييفسكي الذي صنفته النيابة العامة في كريمونا كالمشتبه الأساسي في فضيحة "كالتشيو كوميسي".وقال ايلييفسكي في اعترافه: "نحن نشتري المعلومات ونراهن على أساسها، هذا كل ما في الأمر".وكان التصريح الأكثر إهانة للكرة الإيطالية حين قال إيلييفسكي إن "هذه الأمور لا تحصل في إنكلترا، لكن في إيطاليا، في غالب الأحيان يكون الاتفاق (على تعليب نتائج المباريات) بين إداريي الأندية بحد ذاتهم".وفي عام 2016 كان أنتونيو كونتي مدرب تشلسي الحالي، متهما بالاشتراك في فضيحة تلاعب بنتائج مباريات، ما سمي "فضيحة كريمونا"، لكن المدرب الذي كان يشرف على مهام تدريب المنتخب الايطالي حصل على حكم البراءة قبل شهر من خوض "الآزوري" نهائيات بطولة يورو 2016، الأمر الذي أثار العديد من الشكوك حول تساهل المحكمة مع كونتي من اجل عين المنتخب الوطني. وكان ممثلو الادعاء طالبوا بفرض عقوبة الحبس لمدة ستة أشهر على كونتي بتهمة الاحتيال الرياضي، في اتفاق مزعوم حول محاولة التلاعب بنتيجة مباراة، عندما كان مدربا لسيينا في عام 2011، لكنه ومساعده أنجيلو أليسو حصلا على البراءة.وقال كارلو تافيكيو رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم: "سمعت عن الحكم ببراءة كونتي بشعور من الارتياح الشديد، أخيرا حصل على البراءة، ثقتي به لم تهتز أبدا، الآن سنركز بشكل أكبر على يورو 2016".ومن بين الأحكام الصادرة آنذاك ايقاف قائد لاتسيو ستيفانو ماوري 6 أشهر وتغريم ناديه 40 الف يورو، ويبدو أن المحكمة تساهلت ايضا مع ماوري، بما ان المدعي العام للاتحاد الايطالي ستيفانو بالاتزي طالب بإيقاف قائد لاتسيو لمدة 4 اعوام ونصف العام.يبدو أن الكرة الإيطالية ستشهد فضائح جديدة خلال الفترة المقبلة، إذ أثبتت بعض نتائج المباريات أمورا غير منطقية وقابلة للشك خلال الموسم الحالي، ولعل آخرها مباراتا سمبدوريا وكروتوني، وسمبدوريا وانتر ميلان، إذ تعرض سمبدوريا الى هزيمة غير متوقعة على يد كروتوني بنتيجة 4-1 في مباراة مثيرة للريبة، بعد ان بدا واضحا تعمد مدافعي سمبدوريا التراخي في قطع الكرة من الخصم الضعيف، وكذلك إهداؤهم ضربة جزاء اهدرها لاعب كروتوني تروتا، بعد ان كان فريقه متقدما 1-صفر، لكن لاعبي سمبدوريا واصلوا اتاحة الفرص للخصم لينهي المباراة برباعية آخرها بأقدام فيفيانو حارس مرمى سمبدوريا في مرمى فريقه، وبعدها تكبد سمبدوريا هزيمة قاسية وجديدة، وهذه المرة على يد انتر ميلان بنتيجة 5-صفر، وبدا جليا في هذه المباراة تراخي عدد كبير من لاعبي سمبدوريا، وعلى رأسهم المدافع سيلفيستري ولاعب خط الوسط باريتو، ولا يمكن الجزم باشتراك لاعبي سمبدوريا في فضيحة تلاعب، الا ان الأداء الذي قدمه الفريق يختلف تماما عما أظهره الفريق الازرق والابيض خلال عدة مباريات سابقة.يذكر ان سمبدوريا يحتل حاليا المركز السابع في ترتيب الدوري الايطالي، وقد حقق العديد من النتائج الرائعة هذه الموسم، من بينها الفوز على المتصدر يوفنتوس 3-2، وعلى ميلان 2-صفر، وعلى روما 1-صفر، وعلى فيورنتينا ذهابا وايابا 2-1 و3-1. يذكر ايضا ان كروتوني المتواضع، الذي فاز مؤخرا على سمبدوريا 4-1، كان تلقى الهزيمة على يد سمبدوريا ذهابا بنتيجة 5-صفر، كما ان كروتوني لم يحقق سوى فوز واحد في آخر سبع مباريات، على حساب سمبدوريا.لعل الوقت لا يزال باكرا على إصدار أحكام تجاه سمبدوريا واحتمال تواطؤ لاعبيه في فضائح جديدة، الا ان مراجعة آخر مباراتين للفريق قد تنذر بعاصفة جديدة تهز كرة القدم الإيطالية.