«التمييز»: الأندية المتخصصة لا تحصل على دعم 500 ألف دينار من الدولة... بل الشاملة فقط
ألغت حكمي أول درجة و«الاستئناف» بأحقية «الصيد والفروسية» في الدعم ورفضت دعواه
حسمت محكمة التمييز الإدارية حصول الأندية المتخصصة على الدعم السنوي الذي تقدمه الدولة لها بواقع 500 الف دينار من عدمه، وقررت، في حكم أصدرته برئاسة المستشار محمد يوسف الرفاعي، عدم انطباق الدعم المالي الذي تقدمه هيئة الرياضة للأندية المتخصصة بلعبة واحدة، وإنما يطبق هذا الدعم على الأندية التي تقدم ألعابا شاملة.وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها إن نادي الصيد والفروسية من الأندية المتخصصة وليس من الأندية الشاملة، وكان يتلقى دعما ماليا قدره 180 ألف دينار سنويا منذ عام 2006/ 2007 حتى صدور القانون رقم 7 لسنة 2007، وذلك حسبما أقر به النادي في مذكراته ومطالبته بالزيادة إلى مبلغ 320 ألف دينار، وصرف الفروق المالية عن هذه الفترة، ومن ثم فإن النادي المذكور غير مخاطب بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2007، ولا يستحق مبلغ الدعم المالي الذي تمت زيادته.وكانت المحكمة قد قبلت الطعن المقام من هيئة الرياضة عبر إدارة الفتوى والتشريع على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف ومن قبلها محكمة أول درجة اللذين ألزما الهيئة سداد مبلغ 500 الف د.ك لمصلحة نادي الصيد والفروسية.
وتتحصل وقائع القضية التي رفعها النادي ضد الهيئة على سند من أن المشرع أناط تقديم الدعم للأندية الرياضية، لذلك أصدرت الهيئة قرارا بتخصيص مبلغ 320 ألف دينار كدعم سنوي لكل ناد رياضي، ونتيجة لعدم كفاية هذا المبلغ، فقد صدر القانون رقم 6 لسنة 2007 في شأن استكمال المنشآت الرياضية وإلزام الدولة بأن تستكمل، خلال خمس سنوات، النقص بالمنشآت الرياضية، ثم صدر القانون رقم 7 لسنة 2007 في شأن دعم الأندية الرياضية الذي خصص مبلغ 500 ألف د.ك سنويا لكل ناد رياضي مشهر بموجب أحكام القانون رقم 42 لسنة 1978، وذلك اعتبارا من السنة المالية 2006/ 2007، ولما كان نادي الصيد والفروسية مشهرا وفقا لأحكام القانون المذكور، وقد زاد عدد أعضائه واتسعت أنشطته، فقد تقدم بطلب الى الهيئة لصرف مبلغ الدعم المقرر، إلا أنها امتنعت عن ذلك دون مسوغ قانوني، فأقام دعواه بطلباته، وقضت الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده بصفته المبالغ المطالب بها بحكم استأنفته الجهة الإدارية، والذي قضت فيه المحكمة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الهيئة أمام محكمة التمييز.
أندية شاملة
وقالت محكمة التمييز الإدارية، في حكمها، إن مما تنعاه الجهة الإدارية الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله، وفي بيان ذلك تقول ما حاصله أن حكم المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2007 المشار اليه بتخصيص مبلغ 500 ألف د.ك دعما سنويا لكل ناد تم إشهاره وفقا لأحكام المرسوم بالقانون رقم 42 لسنة 1978 يقتصر على الأندية التي كان يقدم لها دعم بمبلغ 320 ألف دينار، وهي الأندية الشاملة التي تمارس بها 6 لعبات على الأقل، ولديها عدد كبير من المشتركين واللاعبين وليس الأندية المتخصصة، وهو ما يستفاد من المذكور الإيضاحية للقانون رقم 7 لسنة 2007 المشار اليه، والتي قيدت عمومية لفظ الأندية الوارد بالنص بحسبان أن المبلغ المقرر به كان زيادة على مبلغ الدعم الذي يصرفه للأندية الشاملة ولم يعد كافيا لمباشرة أنشطتها، وهو ما كان الهدف من إصدار القانون رقم 42 لسنة 1987 المشار اليه، ويؤكد ذلك أن ميزانية الهيئة العامة للشباب والرياضة عن السنوات المالية من 2004/ 2005 حتى 2006/ 2007 كان مدرجا بها أن مبلغ 320 الف دينار يتم صرفه للأندية الشاملة دون المتخصصة. إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة القاضي بإلزام الهيئة المذكورة بأن تؤدي للمطعون ضده بصفته المبالغ المطالب بها قد خالف هذا النظر، إذ شيد قضاءه على أن النادي المذكور يندرج ضمن النوادي التي تستحق صرف الدعم المنصوص عليه بالمادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2007 المشار اليه، رغم أنه ناد متخصص وليس شاملا، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.نعي سديد
وأضافت «التمييز» في حكمها أن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر قضاء أن الأصل في النصوص التشريعية هو ألا تحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول الى الالتواء بها عن سياقاتها أو يعتبر تشويها لها بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، ذلك أن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص، والتي ينبغي الوقوف عندها، هي تلك التي تعد كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصده المشرع منها، ومبينة عن حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها، ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ، ولا يجوز انتزاعها من واقعها، محددا بمراعاة المصلحة المقصودة منها، وهي بعد مصلحة اجتماعية، يتعين أن تدور هذه النصوص في فلكها، ويفترض دوما أن المشرع رمى الى بلوغها، متخذا في صياغته للنصوص التشريعية سبيلا إليها، ومن ثم تكون هذه المصلحة الاجتماعية غاية نهائية لكل نص تشريعي، وإطارا لتحديد معناه، وموطئا لضمان الوحدة العضوية للنصوص التي يتضمنها العمل التشريعي بما يزيل التعارض بين أجزائها، ويكفل اتصال أحكامها، وتكاملها وترابطها فيما بينها، لتغدو جميعا منصرفة الى الوجهة عينها التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها، كما تقصي هذه الإرادة يستعان فيه بالتطور التاريخي للنصوص التشريعية، وكذلك بالأعمال التحضيرية المهددة لها، سواء كانت هذه الأعمال قد سبقتها أو عاصرتها، باعتبار أن ذلك كله مما يعين على استخلاص مقاصد المشرع التي يفترض في النص التشريعي انه يعكسها معبرا بأمانة عنها.كما أنه من المقرر ايضا - في قضاء هذه المحكمة - أن مضمون النص لا يقتصر على المعنى الذي تدل على ألفاظه وعباراته في ذاتها، وإنما يشمل ايضا المعنى المستمد من روح النص ومفهومه بإشارته أو دلالته، والذي يتم الكشف عن حقيقته بطرق التفسير المختلفة.دعم سنوي
وأوضحت المحكمة أن القانون رقم 7 لسنة 2007 في شأن دعم الأندية الرياضية ينص في المادة الأولى على أن «يخصص مبلغ 500 ألف دينار، دعما سنويا لكل ناد رياضي تم إشهاره وفقا لأحكام المرسوم بالقانون رقم 42 لسنة 1978 - في شأن الهيئات الرياضية - وذلك اعتبارا من السنة المالية 2006/ 2007 وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون انه لما كان الدعم الذي يقدم حاليا للأندية الرياضية والبالغ 320 الف دينار لكل ناد لا يكفي للصرف على أنشطة النادي المختلفة، بما يحقق الغرض المطلوب، لذا أعد هذا القانون.مصلحة
ومؤدى ذلك أن المشرع قد قصد بهذا القانون تحقيق مصلحة اجتماعية في مجال رعاية النشء وحمايته من الاستغلال، ووقايته من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي، وذلك بزيادة مبلغ الدعم المخصص للأندية الرياضية الى 500 الف دينار سنويا، اعتبارا من السنة المالية 2006/ 2007 حتى تتمكن من الصرف على انشطتها، وقد اشترط المشرع لذلك أن يكون النادي مشهرا وفقا لأحكام المرسوم بالقانون رقم 42 لسنة 1978.وقد أتت المذكرة الإيضاحية كاشفة بجلاء عن روح النص ومفهومه ان المخاطب به هو الأندية التي كان مقررا لها - وقت صدور القانون- دعما ماليا، ويتصل بذلك اتصال لزوم، وضرورة أن يكون النادي من الأندية المتعددة الأنشطة أو الشاملة، وهي التي يتضمن قرار اشهارها مزاولتها 6 لعبات ذات أنشطة مختلفة على الأقل وليس الاندية المتخصصة التي يتضمن قرار اشهارها مزاولتها لعبة واحدة أو أكثر ذات نشاط واحد، وذلك وفقا لما تواترت عليه الأنظمة الأساسية النموذجية الموحدة للأندية الرياضية.ناد متخصص
وأوضحت المحكمة أنه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - المؤيد لحكم اول درجة - قد خالف هذا النظر وبنى على ذلك قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون معيبا بما يوجب تمييزه دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن، وحيث انه عن الاستئناف رقم 1830 لسنة 2015 (إداري/5) ولما تقدم وكان نادي الصيد والفروسية هو ناد متخصص وليس من الأندية الشاملة، وكان يتلقى مبلغا قدره مبلغ 180 الف دينار سنويا منذ عام 2006/ 2007، وحتى صدور القانون رقم 7 لسنة 2007 المشار اليه، وذلك حسبما أقر به المستأنف ضده، ومطالبته في دعواه بزيادة هذا الدعم بمبلغ 320 الف دينار وصرف الفروق المالية عن هذه الفترة، فضلا عما هو ثابت بميزانيات الهيئة العامة للشباب والرياضة عن هذه السنوات بلا منازعة من المستأنف ضده، فمن ثم فإن النادي المذكور لا يكون مخاطبا بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2007 المشار اليه، ولا تنطبق عليه أحكامه بما لا يستحق معه زيادة الدعم المقرر به، وكان الحكم المطعون فيه - المؤيد لحكم أول درجة - قد خالف هذا النظر وبنى على ذلك قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون معيبا بما يوجب تمييزه دون حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، فيتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى.
أكدت أن المقصود بالقانون هو الأندية التي تقدم أكثر من لعبة رياضية
تقصي إرادة المشرع يستعان به في التطور التاريخي للنصوص التشريعية والأعمال التحضيرية
النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ ولا يجوز انتزاعها من واقعها
تقصي إرادة المشرع يستعان به في التطور التاريخي للنصوص التشريعية والأعمال التحضيرية
النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ ولا يجوز انتزاعها من واقعها